للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القلب (١) منه، لا يعرفون له مراساً ولا رفعوا إليه رأساً.

وقد عرضت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسباب تقتضي الخوض في ذلك، كذلك أصحابه رضي الله عنهم فلم يخض أحد منهم في ذلك على أساليب أهل الكلام، وقد كان رسول - صلى الله عليه وسلم - أعلم بالله وأحب للدعاء بالحكمة (٢) إلى الله، فأعرض عمن خاض بالباطل في آيات الله ولم يزدهم على تبليغ آيات الله.

كما فعل مع ابن الزّبعرى فإنّه لما نزل قوله تعالى: (إنكم وما تعبدون من دون الله حصبُ جهنّم) [الأنبياء/٩٨] تعرّض المخذول للجدال وزعم أنّ المسيح والملائكة-عليهم السّلام- ممن يعبدون وأنه يلزم من ذلك أنّهم معذّبون، فأعرض عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يجب عليه بشيء حتّى نزل قوله تعالى: (إنّ الذين سبقت لهم مّنّا الحسنى أولئك عنها مبعدون).

وكذلك أبو سفيان فإنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يشهد له بالنّبوّة فقال: أمّا هذه ففي النّفس منها شيء حتّى الآن، فسكت عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأراد أن يضرب عنقه فشهد الشّهادتين.

وكذلك الوليد بن المغيرة فإنّه كلّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ترك النّبوّة، وعرض عليه المال والرّياسة، فلم يجب عليه إلا بتلاوة سورة السّجدة، وكذلك نصارى نجران الذين نزلت فيهم آية المباهلة تعرّضوا لمباهلته ... -عليه (٣) الصلاة والسلام- في أنّ عيسى ابن الله، تعالى الله


(١) في (س): ((الطلب)).
(٢) في (س): ((بالحكم)).
(٣) في (س): ((فعرضوا المباهلة عليه - صلى الله عليه وسلم - ... ))!.