مستنكر أيضاً، فقد أمر الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - بمثل ذلك فقال تعالى:(فإن حآجّوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتّبعن)[آل عمران/٢٠] وأما قولهم: كيف يحتج على الخصوم بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يسلّموا له صحة نبوته؟ فذلك جهل منهم، فإنه يصح الاحتجاج بذلك لأنّ الله تعالى قد أقام عليهم الحجّة بذلك وإن جحدوه كما قال تعالى:((وما اختلف الذّين أوتوا الكتاب إلاّ من بعد ما جآءهم العلم بغيا بينهم)) [آل عمران/١٩] وقال: ((وإن تولّوا فإنّما عليك البلاغ والله بصير بالعباد)) [آل عمران/٢٠] وقد ثبت في فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المعلوم في الجملة ما يردّ عليهم, فإنّه - صلى الله عليه وسلم - أرسل إلى هرقل عظيم الرّوم من كان في صفة المحدّث الذي أرسله هارون وهو دحية بن خليفة الكلبي ولم يعلمه ما يجيب به عليهم إن أوردوا عليه ما يدقّ من شبههم, فإنّهم اليونان أهل الفنّ المنطقيّ وسائر الدّقائق النّظرية, وكذلك سائر رسله - عليه السلام - فإنّه بعث إلى النجاشي صاحب الحبشة, وإلى المقوقس صاحب الإسكندرية, وبعث أبا عبيدة إلى البحرين يعلّمهم الإسلام, وبعث عليّاً ومعاذاً وأبا موسى إلى اليمن, وبعث إلى سائر الملوك, وكذلك كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي أنفذها إلى الآفاق البعيدة للدّعاء إلى الإسلام لم يضمّنها شيئاً من ذلك مع أنّه موضعه, مثل كتابه (١) إلى خرقل, وإلى كسرى, وإلى جهينة.
وبالجملة؛ فالعلم حاصل بأنّ أهل الحديث أشبه برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من أهل الكلام في أمر العقيدة والرّجوع إلى القرآن والسّنّة,