للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يتألم مولَايَ مِنْهَا ويضيق صَدرا بهَا فَلَيْسَتْ وَالْحَمْد لله مَحْذُورَة الْعَاقِبَة وَإِنَّهَا لتزول بإقبال الْعَافِيَة

فالرعشة الَّتِي تتخوف هِيَ الَّتِي تعرض من ضعف الْقُوَّة الحيوانية كَمَا تعرض للمشايخ وتؤذي لمشاركتها الدِّمَاغ كثير من الْعِظَام فَأَما هَذِه الَّتِي تعتاد عقيب الْحمى فَهِيَ على مَا قَالَ جالينوس من أَن حدوثها يكون إِذا شاركت الْعُرُوق الَّتِي تحدث فِيهَا عِلّة العصب وتزول عَنهُ بِزَوَال الْفضل

وَعجب مولَايَ من تكرههُ شم الْفَوَاكِه وَلَا غرو إِذا عرف السَّبَب فَإِن العفونة الَّتِي فِي الْعُرُوق قد طبقت روائحها آلَات الشم فَمَا يصل إِلَيْهَا من الروائح الزكية يرد على النَّفس مغمورا بِتِلْكَ الروائح الخبيثة فتكرهها وَلَا تقبلهَا وتأباها وَلَا تؤثرها

أَلا يرى مولَايَ أَن الْأَشْيَاء الحلوة تُوجد فِي فَم ذِي الصَّفْرَاء بطعم الْأَشْيَاء الْمرة لإمتلاء المرارة المضادة للحلاوة على آلَات الذَّوْق والمضغ والإدارة وَهَذَا رَاجع إِلَى مثل مَا حكمنَا بِهِ أَولا من أَن هُنَاكَ فضلا لَا يُمكن الهجوم على تَحْلِيله لما يخْشَى من سُقُوط الْقُوَّة وَإِن كَانَ مِمَّا لم يخرج لم يوثق بوفور الصِّحَّة وَأَنا أَحْمد الله إِذْ لَيست شَهْوَة سَيِّدي متزايدة فالشهوة الْغَالِبَة مَعَ الأخلاط الْفَاسِدَة تغري صَاحبهَا الْأكل الزَّائِد وَتعرض للمزاج الْفَاسِد إِلَّا أَن التغذي لَا يجوز إهماله دفْعَة والتبرم بِهِ ضَرْبَة

فَإِن الْبدن إِذا احْتَاجَ إِلَيْهِ وَجب للعليل أَن يتَنَاوَلهُ تنَاول الدَّوَاء الَّذِي يصبر عَلَيْهِ وَذَلِكَ أَن فِي دقة الحمية وَترك الرُّجُوع أول فَأول إِلَى عَادَة الصِّحَّة إماتة للشهوة وخيانة للقوة

وجالينوس يشرط فِي العلاجات أجمع استحفاظ القوى لِأَن الَّذِي يَفْعَله الضعْف لَا يتداركه أَمر إِلَّا أَن ذَلِك بِإِزَاءِ مَا قَالَ الْحَكِيم الأول بقراط فِي الْبدن السقيم إِنَّكُم مَتى مَا زِدْته غذَاء زِدْته شرا وَهُوَ فِي نَفسه يَقُول إِن الحمية الَّتِي فِي غَايَة الدقة لَيست بمحمودة فالطرفان من الْإِسْرَاف والإجحاف مذمومان والواسطة أسلم أغْنى الله مولَايَ عَن الطِّبّ والأطباء بالسلامة والشفاء

<<  <  ج: ص:  >  >>