١٩ - فِي ذكر أبي الْفرج عبد الْوَاحِد الببغاء وغرر نثره ونظمه
هُوَ أَبُو الْفرج عبد الْوَاحِد بن نصر المَخْزُومِي من أهل نَصِيبين
نجم الْآفَاق وشمامة الشَّام وَالْعراق وظرف الظّرْف وينبوع اللطف وَاحِد أَفْرَاد الدَّهْر فِي النّظم والنثر لَهُ كَلَام بل مدام بل نظام من الْيَاقُوت بل حب الْغَمَام فنثره مستوف أَقسَام العذوبة وشروط الْحَلَاوَة والسهولة ونظمه كَأَنَّهُ رَوْضَة منورة تجمع طيبا ومنظرا حسنا
وَقد أخرجت من شعره
مَا يشْهد بِالَّذِي أجريت من ذكره وَإِنَّمَا لقب بالببغاء للثغة فِيهِ سيجري وصفهَا فِي ذكر مَا دَار بَينه وَبَين أبي إِسْحَاق الصابي من طرف المكاتبات وملح المجاوبات وَكَانَ فِي عنفوان أمره وريعان شبابه مُتَّصِلا بِسيف الدولة مُقيما فِي جملَته ثمَّ تنقلت بِهِ بعد وَفَاة صَاحبه الْأَحْوَال فِي وُرُوده الْموصل وبغداد ومنادمته بهما الْمُلُوك والرؤساء وإخفاقه مرّة وإنجاحه أُخْرَى وَآخر مَا بَلغنِي من خَبره مَا سَمِعت الْأَمِير أَبَا الْفضل عبد الله بن أَحْمد الميكالي يُورِدهُ من ذكر التقائه مَعَه عِنْد صَدره من الْحَج وحصوله بِبَغْدَاد فِي سنة تسعين وثلاثمائة ورؤيته بهَا شَيخا عالي السن متطاول الأمد نظيف اللبسة بهي الرّكْبَة مليح اللثغة ظريف الْجُمْلَة قد أخذت الْأَيَّام من جِسْمه وقوته وَلم تَأْخُذ من طرفه وأدبه وَأَنه مدح أَبَاهُ الْأَمِير أَبَا نصر بقصيدة فريدة أجزل عَلَيْهَا صلته ثمَّ السلَامِي وَغَيره من شعراء الْعرَاق ثمَّ عرض على القَاضِي أَبُو بشر الْفضل بن مُحَمَّد بجرجان سنة إِحْدَى وَتِسْعين كتاب