رقْعَة إِلَى صديق لَهُ قامر على كتب لَهَا خطر فقمر
المحن أيدك الله معلقَة بَين جناحي تَقْدِير وَسُوء تَدْبِير
فَأَما الَّتِي تطلع من جَانب الْمِقْدَار فالمرء فِيهِ معفى عَن كلفة الِاعْتِذَار وَأما الَّتِي أوكتها يَده ونفخها فوه فَلَيْسَ لخرقها أحد يرفوه
وَفِي فصوص الأفلاك الدائرة مَا يُغني عَن فصوص الْعِظَام الناخرة اللَّهُمَّ إِلَّا إِذا عميت عين الاختبار وَصمت أذن الروية وَالِاعْتِبَار وَالله ولي الْإِرْشَاد إِلَى طَرِيق الصَّوَاب والسداد
وَبَلغنِي مَا كَانَ من خطارك بِمَا اعتددته غرَّة الْغرَر ودرة الدُّرَر
وَنُهْبَة الْأَدَب وزبدة الحقب
حَتَّى قمرته الْأَيْدِي الخاطفة واختطفته الأطماع الجارفة فأعدمت من غير لص قَاطع وأصبت بِغَيْر موت فاجع
فيا لَهُ من غبن يلْزم المغرم وَيحرق الأرم
وَيقطع البنان ويحير الْعين وَاللِّسَان نعم يَا سَيِّدي قد مسني من القلق لسوء اختيارك وقبح آثارك مَا يمس من يراك بضعَة من لَحْمه ودفعة من دَمه وَلَا يميزك عَن نَفسه فِي حالتي وحشته وأنسه لَكِن من طباع النُّفُوس الناطقة أَن تنفر عَمَّن يسيء النّظر لذاته وَتذهب عَمَّن يعْمل الْفِكر فِي مصَالح أُمُوره وجهاته
وَمن غفل عَن صَلَاح نَفسه فَهُوَ أغفل عَن صَلَاح من سواهُ وَمن عجز عَن تَدْبِير مَا يَخُصُّهُ فَهُوَ أعجز عَن تَدْبِير من عداهُ
وَالله يلهمك الصَّبْر على مَا جنته يدك ويدرعك السلوة عَمَّا أورطتك فِيهِ نَفسك وَيجْعَل هَذِه الْوَاحِدَة منبهة لَك من سنة الضلال ومزجرة عَن سنة الْجُهَّال
وَبعد فَلم ينقص من عمرك مَا أيقظك وَلَا ذهب من مَالك مَا وعظك فإياك أَن يطمعك اللجاج فِي معاودة تِلْكَ الخطة الشوهاء فَإِنَّهَا تَأْخُذ مِنْهَا أَكثر مِمَّا تعطيك وتسخطك فَوق مَا ترضيك وَإِن يرد الله بك خيرا يهدك ويسعدك بيومك وغدك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute