للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومدققا فِيهِ ومتوفرا عَلَيْهِ ومتوصلا الى استنباء دفينه واستثارة كمينه والافصاح بكلياته وجزئياته غير مغرق فِي تفخيم مَا يلوح من السَّعَادَة سهلها الله تَعَالَى كَيْلا اتوقع مِنْهَا اكثر من حَدهَا وَلَا مُقْتَصرا فِي الانذار بالمنحسة صرفهَا الله تَعَالَى لِئَلَّا اكون كالغافل الذاهل عَنْهَا فان ثَمَرَة هَذِه الصِّنَاعَة هِيَ تقدمة الْمعرفَة بِمَا يكون والاستعداد لَهُ بِمَا يُمكن وَلَا اقول ان ذَلِك يُؤَدِّي الى دفع مَقْدُور نَازل وَلَا مُعَارضَة محتوم حَاصِل وَلَكِنِّي اقول رُبمَا كَانَ من سَعَادَة السعيد أَن يعلم هَذَا الامر فيتصدى لحيازة مَا يجب ويتوقى حُلُول مَا يكره وَرُبمَا كَانَ من منحسة المنحوس ان يجهله فَيكون كالمسلوب بَصَره وسَمعه الَّذِي لَا يرى فيتحفظ وَلَا يسمع فيتيقظ وكلا الامرين لسابق قَضَاء الله تَعَالَى مُوَافق ولمتقدم علمه مُطَابق وَإِنَّمَا ذكرت ذَلِك استظهارا لنَفْسي ان تعداك كتابي الى غَيْرك مِمَّن لَا يَهْتَدِي للْجمع بَين الامرين والتعلق مِنْهُمَا بالعروتين فيظن ان المراعي لاحدهما مخل بالاخر وَعِنْدِي ان الْفَاصِل بَينهمَا لَا يَخْلُو من ان يكون نَاقص الحظوظ فِي ادبه أَو نَاقص الْيَقِين فِي دينه وَأَنت ولي مَا تفضل بِهِ فِي ذَلِك مُعْتَمد تَقْدِيمه وَترك تَأْخِيره إِذْ للنَّفس رَاحَة فِي تيسير المنتظرات وَعَلَيْهَا كلفة فِي أَن تتمادى بهَا الاوقات على أَن ظَنِّي بك الايثار لما اثرت والتحرز مِمَّا حاذرت

فصل من رِسَالَة عَن صديق فِي الْخطْبَة

وَلَو لم يكن للخاطب الى المخطوب إِلَيْهِ سَبَب غير ابْتِدَائه إِيَّاه بالثقة والتماس المشابكة وَرضَاهُ بِهِ شَرِيكا مفوضا فِي الْوَلَد واللحمة وَالْحَال وَالنعْمَة لكفاه واجزاه واغناه عَن كل مَا سواهُ حَتَّى إِنَّه لَو خطب الى زاهد لوَجَبَ عَلَيْهِ أَن يرغب اَوْ الى معتاص للزمه أَن ينقاد لَان هَذَا الْمطلب إِذا صدر عَن الاحرار الى الاحرار استهجن الرَّد عَنهُ والمقابلة لَهُ بضده فَكيف وَقد انتظمت بَيْننَا دواعي الاجابة وَارْتَفَعت عَن المدافعة وَبِاللَّهِ جهد الْمقسم أَن وَالِدي ايدهما الله تَعَالَى يسومانني التاهل مُنْذُ سِنِين كَثِيرَة فأحمل نَفسِي على التقاعس عَمَّا آثره مَعَ مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>