(يحملن أطفالا كَأَن وُجُوههم ... طليت بصمغ من يبيس مخاط)
(فِيهِنَّ فتيات إِذا غنينني ... عنيننى وقصمن ظهر نشاطي)
(أمعاؤها أوتارها وبطونها ... أعوادها واللحن رَجَعَ ضراط)
(ولهن أَزوَاج على أكتافهم ... كنف معلقَة من الآباط)
(إِن يسهروا لتسامر فكلامهم ... لَا يستبان كصرة الوطواط)
(أَو يرقدوا فحلوقهم وأنوفهم ... مِمَّا تغط كحقة الْخَرَّاط)
(وخلال ذَلِك يسمعونك كَارِهًا ... صَوت الضراط كَمثل شقّ رِبَاط)
(حَتَّى يغص بِعْ الرِّبَاط كَأَنَّمَا ... إرْسَاله من غير ذَات رِبَاط)
(ختموا الطَّرِيق بطينة بطنية ... ليفك ذَاك الْخَتْم رجل الواطي)
(لَا أَسْتَطِيع تحفظا مِنْهَا وَلَو ... أعملت فِيهِ توقي المحتاط)
(أَمْشِي بأطراف الْأَصَابِع بَينهَا ... حذرا كَأَنِّي فَوق حد صِرَاط)
(وبراغث مثل الخطوب طوارق ... حدب الظُّهُور غَلِيظَة الأوساط)
(يحسون مَاء حياتنا فجلودنا ... كمصاحف محمرة الأنقاط) // من الْكَامِل //
٣٣ - أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن الْعَبَّاس بن الْحسن
هُوَ ابْن الْعَبَّاس بن الْحسن وَزِير المكتفى والمقتدر وأخباره مَشْهُورَة وأيامه فِي الوزارة مَذْكُورَة
وَأَبُو جَعْفَر هَذَا كَاتب بليغ حسن التَّصَرُّف فِي النّظم والنثر رمت بِهِ حوادث الدَّهْر إِلَى بُخَارى فَأكْرم مثواه كالعادة كَانَت للملوك السامانية فِي معرفَة حُقُوق النَّاس وَأَبْنَاء النِّعْمَة وأغذياء الرياسة لَا سِيمَا الجامعين إِلَى كرم النّسَب شرف الْأَدَب وتقسمت أَيَّامه بَين الأولية السّنيَّة والطلعة الهنية
وَكَانَ على تماسك حَاله وانتعاشه وارتياشه شاكيا لزمانه
مستزيدا لسلطانه وَله القصيدة الَّتِي سَارَتْ فِي الْبِلَاد وطارت فِي الْآفَاق لحسن ديباجتها وبراعة