وَحصل أَبُو الْقَاسِم فِي جملَة الأسرى من أَصْحَاب أبي عَليّ فحبس فِي القمندر وَقيد مَعَ حسن الرَّأْي فِيهِ وَشدَّة الْميل إِلَيْهِ ثمَّ إِن الْأَمِير الحميد نوح بن نصر أَرَادَ أَن يستكشفه عَن سره وَيقف على خبيئة صَدره فَأمر أَن تكْتب إِلَيْهِ رقْعَة على لِسَان بعض الْمَشَايِخ وَيُقَال لَهُ فِيهَا إِن أَبَا الْعَبَّاس الصَّاغَانِي قد كتب إِلَى الحضرة يستوهبك من السُّلْطَان ويستدعيك إِلَى الشاش لتتولى لَهُ كِتَابَة الْكتب السُّلْطَانِيَّة فَمَا رَأْيك فِي ذَلِك فَوَقع تَحْتَهُ فِي الرقعة {رب السجْن أحب إِلَيّ مِمَّا يدعونني إِلَيْهِ}
فَلَمَّا عرض التوقيع على الحميد حسن موقعه مِنْهُ فأعجب بِهِ وَأمر بِإِطْلَاقِهِ وخلع عَلَيْهِ وَأَقْعَدَهُ فِي ديوَان الرسائل خَليفَة لأبي عبد الله كُله وَكَانَ الِاسْم لَهُ وَالْعَمَل لأبي الْقَاسِم وَعند ذَلِك قَالَ بعض مجان الحضرة
(تبظرم الشَّيْخ كُله ... وَلست أرْضى ذَاك لَهُ)
(كَأَنَّهُ لم ير من ... أقعد عَنهُ بدله)
(وَالله إِن دَامَ على ... هَذَا الْجُنُون والبله)
(فَإِنَّهُ أول من ... ينتف مِنْهُ السبله) // من مجزوء الرجز //