كبطون الْحَيَّات فِي صفاء مَاء الْحَيَاة وَقد فغمني من نسيم هوائها عرف الْمسك السحيق بالعنبر الْعَتِيق
فاستطبت الْمَكَان وتصورت مِنْهُ الْجنان وفزعت إِلَى كتاب أدب كنت أستصحبه لأخذ الفال على الْمقَام والارتحال ففتحت أول سطر من الصفحة عَن بَيت شعر وَهُوَ
(وَإِذا انْتَهَيْت إِلَى السَّلامَة ... فِي مداك فَلَا تجَاوز) // من مجزوء الْكَامِل //
فَقلت هَذَا وَالله الْوَحْي النَّاطِق والفأل الصَّادِق وَقد تقدّمت بعطف ضبني إِلَيْهَا
وعشت سِتَّة أشهر بهَا فِي أنعم عَيْش وأرخاه وأهنأ شرب وأمراه
إِلَى أَن أَتَانِي كتاب الْأَمِير فِي استدعائي إِلَى حَضرته بتبجيل وتأميل وترتيب وترحيل فَنَهَضت وحظيت بِمَا حظيت مِنْهَا إِلَى يومي هَذَا فَكَانَ اخْتِيَاره ذَلِك أحد مَا اسْتدلَّ بِهِ ذَلِك الْأَمِير على رَأْيه وتدبيره ورزانته ودرجه بِهِ إِلَى مَحَله ومكانته وَصَارَ من بعد ينظم بأقلامه منثور الْآثَار عَن حسامه وينسج بعباراته
وشي فتوحه ومقاماته وهلم جرا إِلَى زمَان السُّلْطَان الْمُعظم يَمِين الدولة وَأمين الْملَّة
وَقد كتب لَهُ عدَّة فتوح قَالَ فِي أحد كتبهَا كتبت وَقد هبت ريح النُّصْرَة من مهبها وَالْأَرْض مشرقة بِنور رَبهَا
إِلَى أَن زحزحه الْقَضَاء عَن خدمته ونبذه إِلَى ديار التّرْك عَن غير قَصده وإرادته فانتقل بهَا إِلَى جوَار ربه فِي سنة أَرْبَعمِائَة من الْهِجْرَة النَّبَوِيَّة على صَاحبهَا أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute