وتقلد الوزارة بِالريِّ وَكَانَ يلقب بالوزير الْكَبِير ذِي الْمَعَالِي زين الكفاة وَهُوَ الْآن فِي ولَايَة فَضله وسروره وَهُنَاكَ من شرف النَّفس وكرم الطَّبْع وعلو الهمة وَعظم الحشمة مَا الْأَخْبَار بِهِ سائرة والدلائل عَلَيْهِ ظَاهِرَة ثمَّ هُوَ من أجمع أهل زَمَانه لمحاسن الْآدَاب وأغوصهم على خبايا الْعُلُوم وَله من المصنفات كتاب التَّارِيخ الَّذِي لم يسْبق إِلَى تصنيف مثله وَكتاب نثر الدّرّ وَله بلاغة بَالِغَة وَشعر بارع كَقَوْلِه على طَريقَة أهل الْحجاز
(على التلعات الْبيض من أبرق اللوا ... تلألؤ برق مثل مَا ابتسمت سَعْدا)
(واتلع إِن ناش الأراكة لم يدع ... لَهَا فننا سبطا وَلَا وَرقا جَعدًا)
(إِذا وَردت مَاء العذيب ركائبي ... فقد أعشبت مرعى وَقد أعذبت وردا)
(يرف عَلَيْهَا الأقحوان غدية ... وَقد عله طل كدمعي أَو أندى)
(هُنَا لَك قوم كلما زرت حيهم ... لقِيت أَبَا سعد بِهِ الطَّائِر السعدا)
(عقائله يفرشن بالورد طرقه ... لتوطئه أَن جِئْته الْفرس الوردا)
وَكتب إِلَى أبي سعد الزنجاني وَقد اصْطَحَبَا فِي اسْتِقْبَال وَكَانَت مَعَ غُلَام أبي سعد سفرة فَردهَا بعكمها إِلَى الْمنزل وتركهم جياعا وَيُقَال إِن هَذِه الأبيات فِيمَا تشْتَمل عَلَيْهِ سفرة الزنجاني أحسن وأطرف من أَبْيَات كشاجم فِيمَا تضمنته جونته
(بئس المصاحب فِي السّفر ... من لَيْسَ يسمح بِالسَّفرِ)
(يَا سفرة رجعت على ... أعقابها تمشي الْخمر)
(الوى بهَا ريب الزَّمَان ... وَمن يُطيق يدا الْقدر)
(كم كَانَ فِيك من النواهض ... والدجاج وَمَا حضر)
(من لحم جدي إِن نظرت ... إِلَيْهِ أمتعت الْبَصَر)
(فَإِذا كشطت الْجلد عَنهُ ... كشفت عَن بيض الحبر)