للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْحِيطَان رخامي الْأَركان يضم طارقة خيش مفروشة بحصير مُسْتَعْمل فَوَثَبَ إِلَيْنَا مِنْهُ مقتبل الشبيبة حسن الصُّورَة ظَاهر النبل والهيئة متزي من اللبَاس بزِي غُلَامه فلقيني حافيا يعثر بسراويله واعتنقني ثمَّ قَالَ إِنَّمَا استخدمت هَذَا الْغُلَام فِي تلقيك يَا سَيِّدي لأجعل مَا لَعَلَّك استحسنته من وَجهه مصانعا عَمَّا ترد عَلَيْهِ من مشاهدتي فاستحسنت اختصاره الطَّرِيق إِلَى بسطي وارتجاله النادرة على نَفسه حرصا فِي تأنيسي وأفاض فِي شكري على المسارعة إِلَى أمره وَأَنا أواصل فِي خلال سكناته الْمُبَالغَة فِي الِاعْتِدَاد بِهِ ثمَّ قَالَ يَا سَيِّدي أَنْت مكدود بِمن كَانَ مَعَك والاستمتاع بمحادثتك لَا يتم إِلَّا بالتوصل إِلَى راحتك وَقد كَانَ الْأَمر على مَا ذكر فاستلقيت يَسِيرا ثمَّ نهضت فخدمت فِي حالتي النّوم واليقظة الْخدمَة الَّتِي ألفتها فِي دور أكَابِر الْمُلُوك وأجلة الرؤساء

وأحضرنا خَادِم لَهُ لم أر أحسن مِنْهُ وَجها وَلَا سوادا طبقًا يضم مَا يتَّخذ للعشاء مِمَّا خف ولطف فَقَالَ الْأكل مني يَا سَيِّدي للْحَاجة ومنك للممالحة والمساعدة فنلنا شَيْئا وَأَقْبل اللَّيْل فطلع الْقَمَر ففتحت مناظر ذَلِك الْبَيْت إِلَى فضاء أدّى إِلَيْنَا محَاسِن الغوطة وحبانا بذخائر رياضها من المنظر الجناني والنسيم العطري وجاءنا الراهب من الْأَشْرِبَة بِمَا وَقع اتفاقنا على الْمُخْتَار مِنْهُ ثمَّ اقتعدنا غارب اللَّذَّة وجرينا فِي ميدان الْمُفَاوضَة فَلم يزل يناهبني نَوَادِر الْأَخْبَار وملح الْأَشْعَار ونخلط ذَلِك من المزح بأظرفه وَمن التودد بألطفه إِلَى أَن توسطنا الشَّرَاب فَالْتَفت إِلَى غُلَامه وَقَالَ لَهُ يَا مترف إِن مَوْلَاك مَا ادخر عَنَّا السرُور بِحُضُورِهِ وَمَا يجب أَن ندخر مُمكنا فِي مسرته فامتقع وَجه الْغُلَام حَيَاء وخفرا فأقسم عَلَيْهِ بحياته وَأَنا لَا أعلم مَا يُرِيد وَمضى فَعَاد يحمل طنبورا وَجلسَ فَقَالَ لي يَا سَيِّدي تَأذن لي فِي خدمتك فهممت بتقبيل يَده لما تداخلني من عظم المسرة بذلك فَأصْلح الْغُلَام الطنبور وَضرب وغنى

(يَا مالكي وَهُوَ ملكي ... وسالبي ثوب نسكي)

<<  <  ج: ص:  >  >>