للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِي لِقَائِه إِلَى أَن عَاد سيف الدولة إِلَى دمشق وَأَنا فِي جملَته فَمَا بدأت بِشَيْء قبل الْمصير إِلَى الراهب وَقد كنت حفظت اسْمه فَخرج إِلَيّ مَرْعُوبًا وَهُوَ لَا يعرف السَّبَب فَلَمَّا رَآنِي استطار فَرحا وَأقسم أَلا يخاطبني إِلَّا بعد النُّزُول وَالْمقَام عِنْده يومي ذَلِك فَفعلت فَلَمَّا جلسنا للمحادثة قَالَ مَا لي لَا أَرَاك تسْأَل عَن صديقك قلت وَالله مَا لي فكر ينْصَرف عَنهُ وَلَا أَسف يتَجَاوَز مَا حرمته مِنْهُ وَلَا سررت بعودي إِلَى هَذِه الْبَلدة إِلَّا من أَجله وَلذَلِك بدأت بقصدك فاذكر لي خَبره فَقَالَ لي أما الْآن فَنعم هَذَا فَتى من المادرانيين جليل الْقدر عَظِيم النِّعْمَة كَانَ ضمن من سُلْطَانه بِمصْر ضيَاعًا بِمَال كثير فخاس بِهِ ضَمَانه لقعود السّعر وأشرف على الْخُرُوج من نعْمَته فاستتر وَلما اشْتَدَّ الْبَحْث عَنهُ خرج متخفيا إِلَى أَن ورد دمشق بزِي تَاجر فَكَانَ استتاره عِنْد بعض إخوانه مِمَّن أخدمه فَإِنِّي عِنْده يَوْمًا إِذْ ظهر لي وَقَالَ لصديقه إِنِّي أُرِيد الِانْتِقَال إِلَى هَذَا الراهب إِن كَانَ عَليّ مَأْمُونا فَذكر لَهُ صديقه مذهبي وأظهرت السرُور بِمَا رغب فِيهِ من الْأنس بِي وَأَنا لَا أعرفهُ غير أَن صديقي قد أَمرنِي بخدمته وَحصل فِي قلايتي فواصل الصَّوْم فَلَمَّا كَانَ بعد أَيَّام جَاءَنَا الرَّسُول من عِنْد صديقنا وَمَعَهُ الْغُلَام وَالْخَادِم وَقد لَحقا بِهِ ومعهما سفاتج وَعَلَيْهِمَا ثِيَاب رثَّة

فَلَمَّا نظر إِلَى الْغُلَام قَالَ يَا رَاهِب قد حل الْفطر وَجَاء الْعِيد ووثب إِلَيْهِ فاعتنقه وَجعل يقبل عَيْنَيْهِ ويبكي ووقف على السفاتج فأنفذها مَعَ درج رقْعَة مِنْهُ إِلَى صديقه فَلَمَّا كَانَ بعد يَوْمَيْنِ حمل إِلَيْهِ ألفي دِينَار وَقَالَ لَهُ ابتع لنا مَا نستخدمه فِي هَذِه الضَّيْعَة فَابْتَاعَ آلَة وفرشا وَلم يزل مكبا على مَا رَأَيْت إِلَى أَن ورد عَلَيْهِ بالبغال والآلات الْحَسَنَة وَكتب أَهله باجتماعهم إِلَى صَاحب مصر وتعريفهم إِيَّاه الْحَال فِي بعده عَن وَطنه لضيق ذَات يَده عَمَّا يُطَالب بِهِ والتوقيع

<<  <  ج: ص:  >  >>