عينه وشجى صَدره فَبَيْنَمَا هُوَ ذَات يَوْم فِي بعض أَسْفَاره مَعَ رَفِيق لَهُ من أَصْحَاب الجراب والمحراب إِلَّا أَنه من أهل الاداب إِذْ لَقِي فِي سَفَره نصبا واشتهى اللَّحْم فَلم يقدر على ثمنه فَقَالَ ارتجالا من الوافر
(أَلا موت يُبَاع فأشتريه ... فَهَذَا الْعَيْش مَا لَا خير فِيهِ)
(أَلا موت لذيذ الطّعْم يَأْتِي ... يخلصني من الْعَيْش الكريه)
(إِذا أَبْصرت قبرا من بعيد ... وددت لَو أنني مِمَّا يَلِيهِ)
(أَلا رحم الْمُهَيْمِن نفس حر ... تصدق بالوفاة على أَخِيه) // الوافر //
فَاشْترى لَهُ رَفِيقه بدرهم وَاحِد لَحْمًا فأسكن بِهِ قرمه وَتحفظ الابيات وتفارقا وَضرب الدَّهْر ضرباته حَتَّى ترقت حَالَة المهلبي الى اعظم دَرَجَة من الوزارة فَقَالَ من مجزوء الْكَامِل
(رق الزَّمَان لفاقتي ... ورثى لطول تحرقي)
(وأنالني مَا أرتجي ... وأجار مِمَّا أتقي)
(فلأصفحن عَمَّا أَتَاهُ ... من الذُّنُوب السَّبق)
(حَتَّى جِنَايَته بِمَا ... فعل المشيب بمفرقي) // مجزوء الْكَامِل //
وَحصل الرفيق تَحت كلكل من كلاكل الدَّهْر ثقل عَلَيْهِ بركه وهاضه عركه فقصد حَضرته وتوصل الى ايصال رقْعَة تَتَضَمَّن ابياتا مِنْهَا من الوافر
(أَلا قل للوزير فدته نَفسِي ... مقَال مُذَكّر مَا قد نَسيَه)
(أَتَذكر إِذْ تَقول لضنك عَيْش ... أَلا موت يُبَاع فأشتريه) // الوافر //
فَلَمَّا نظر فِيهَا تذكره وهزته أريحيه الْكَرم للحنين إِلَيْهِ ورعاية حق