للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَوَقع تَحْتَهُ نعم وَلم لَا

ويحكى أَنه كَانَ فِي جملَة الْقُضَاة الَّذين ينادمون الْوَزير المهلبي ويجتمعون عِنْده فِي الاسبوع لَيْلَتَيْنِ على اطراح الحشمة والتبسط فِي القصف والخلاعة وهم ابْن قريعة وَابْن مَعْرُوف وَالْقَاضِي التنوخي وَغَيرهم وَمَا مِنْهُم إِلَّا أَبيض اللِّحْيَة طويلها وَكَذَلِكَ كَانَ الْوَزير المهلبي فَإِذا تَكَامل الانس وطاب الْمجْلس ولذ السماع وَأخذ الطَّرب مِنْهُم مأخذه وهبوا ثوب الْوَقار وتقلبوا فِي أعطاف الْعَيْش بَين الخفة والطيش وَوضع فِي يَد كل وَاحِد مِنْهُم كأس ذهب من الف مِثْقَال الى دونهَا مَمْلُوء شرابًا قطربليا أَو عكبريا فيغمس لحيته فِيهِ بل ينقعها حَتَّى تتشرب اكثره ويرش بهَا بَعضهم على بعض ويرقصون أجمعهم وَعَلَيْهِم المصبغات ومخانق الْبرم والمنثور وَيَقُولُونَ كلما يكثر شربهم هرهر وإياهم عَنى السّري بقوله من المنسرح

(مجَالِس ترقص الْقُضَاة بهَا ... إِذا انتشوا فِي مخانق الْبرم)

(وَصَاحب يخلط المجون لنا ... بشيمة حلوة من الشيم)

(تخضب بِالرَّاحِ شيبَة عَبَثا ... أنامل مثل حمرَة العنم)

(حَتَّى تخال الْعُيُون شيبته ... شيبَة فعلان ضرجت بِدَم) // المنسرح //

فَإِذا اصبحوا عَادوا لعادتهم فِي التزمت والتوفر والتحفظ بأبهة الْقُضَاة وحشمة الْمَشَايِخ الكبراء

وَقد أخرجت من غرر شعر التنوخي مَا هُوَ من شَرط الْكتاب فَمن ذَلِك وصف اللَّيْل والنجوم بقوله من الْخَفِيف

(رب ليل قطعته بصدود ... وفراق مَا كَانَ فِيهِ وداع)

<<  <  ج: ص:  >  >>