للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالرجوع إلى ترجمة خالد بن نجيح ظهر أن سعيد ابن أبي مريم أيضاً لم يسلم من دسّه، فقال أبو حاتم: "خالد بن نجيح المصري كان يصحب عثمان بن صالح المصري، وأبا صالح كاتب الليث، وابن أبي مريم … وهو كذاب، كان يفتعل الأحاديث ويضعها في كتب ابن أبي مريم، وأبي صالح، وهذه الأحاديث التي أنكرت على أبي صالح يتوهم أنه من فعله" (١).

ومثل هذا بعينه قد وقع لقتيبة بن سعيد من خالد ـ وهو ابن نجيح ـ المدائني هذا كما ذكره الحاكم بإسناده عن البخاري في الحديث الذي أنكره البخاري على قتيبة بن سعيد في جمع التقديم بين الصلاتين في السفر قال: "قلت لقتيبة بن سعيد: مع من كتبت حديث يزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل؟ فقال: كتبته مع خالد المدائني، قال البخاري: وكان خالد المدائني يُدخل الأحاديث على الشيوخ" (٢).

فبناء على هذا يظهر لي أن خالد بن نجيح أدخل الأحاديث المفتعلة على ابن أبي مريم كما أدخلها على أبي صالح، لكن لكثرة ما حدّث أبو صالح بهذه المناكير بالنسبة لابن أبي مريم تبادر الحمل في هذا الحديث عليه دونه. وهذا يُمثّل القاعدة التي ذكرها المعلمي في مقدمة تحقيقه لكتاب "الفوائد المجموعة"، قال رحمه الله:

"إذا استنكر الأئمة المحققون المتن وكان ظاهر السند الصحة فإنهم يتطلبون له علة، فإذا لم يجدوا علة قادحة مطلقاً حيث وقعت أعلّوه بعلة ليست بقادحة مطلقاً، ولكنهم يرونها كافية للقدح في ذاك المنكر ـ ثم ذكر أمثلة على ذلك: منها قال: فمن ذلك إعلالهم بظن أن الحديث أدخل على الشيخ كما ترى في لسان الميزان في ترجمة الفضل بن الحُباب وغيرها، وحجتهم في هذا أن عدم القدح بتلك


(١) الجرح والتعديل ٣/ ٣٥٥.
(٢) معرفة علوم الحديث ص ١٢٠ - ١٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>