للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

احتف بقرائن ترجح لدى الإمام أحمد جانب القبول فيه وإن لم يفصح هو عن تلك القرائن، ومما يلوح للناظر في أسانيد الحديث من القرائن التي قد تدل على ترجيح جانب القبول على جانب الرد أن الرواة عن ابن عقيل ـ وأغلبهم ثقات كما تقدم ـ لم يختلفوا في الحديث، وهذا يدل على ضبط ابن عقيل للحديث، وما نقم عليه من سوء الحفظ كان يرجع إلى أن الرواة كانوا يختلفون عليه في الأسانيد (١)، اللهم إلا ما كان من ابن جريج ـ أحد الرواة عنه ـ حيث خالف بقية الرواة في اسم ابن عقيل واسم راوية الحديث. فروى عبد الله قال: "قال أبي في حديث حبيبة بنت جحش، قال: ابن جريج حدّث عن ابن عقيل محمد ابن عبد الله بن عقيل، وهو خطأ، وقال: إنما هو عبد الله بن محمد بن عقيل، وقال عن حبيبة بنت جحش، خالف الناس" (٢). قال ابن رجب: يشير إلى أنها حمنة ليست حبيبة (٣).

والشاهد من هذا أن الإمام أحمد حمّل ابن جريج الخطأ في هذا الحديث، ولو لم تكن عنده قرائن تدل على ضبط ابن عقيل لروايته لكان أولى الناس بأن يحمّل الخطأ هو ابن عقيل لسوء حفظه الذي يجعله يضطرب في الرواية، لكن لما رواه عنه عدد من الثقات على نسق واحد ولم يخالف إلا ابن جريج حمله الخطأ وقوي عنده ضبط ابن عقيل للحديث فاحتج به، والله أعلم.

وقد يقال إن الإمام أحمد يرى الاحتجاج بالحديث الضعيف إذا لم يكن في


(١) قال أبو زرعة: قال لي ابن نمير: عاصم بن عبيد الله أحب إليك أم ابن عقيل؟ فقلت: ابن عقيل يختلف عنه في الأسانيد، وعاصم منكر الحديث في الأصل الجرح والتعديل ٥/ ١٥٤.
(٢) العلل ومعرفة الرجال ـ برواية عبد الله ٣/ ٥١/٤١٢٠.
(٣) فتح الباري له ١/ ٥٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>