للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما أبو حاتم وأبو زرعة فرجحا أيضاً رواية الإرسال لكن من وجه آخر فقالا: "الصحيح عن ابن جريج، عن أبيه، عن ابن أبي مليكة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل" (١). وهذه الرواية لم أقف عليها، والظاهر أنها غريبة، ومن أجل ذلك قال ابن دقيق العيد: "هذا لون آخر ينبغي أن يتتبع بالكشف" (٢).

وقد يعترض على هذا الإعلال بثلاثة أمور، سأوردها مع الجواب عليها.

الأول: أن إسماعيل بن عياش توبع عن ابن جريج: تابعه سليمان بن أرقم قال: حدثني ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث (٣). قال الدارقطني: "تابعه سليمان بن أرقم، وهو متروك الحديث، وأصحاب ابن جريج الحفاظ عنه يروونه عن ابن جريج، عن أبيه مرسلاً، والله أعلم" (٤)، يشير إلى أنه مع هذه المتابعة، حتى ولو صلحت، فإنها لا تقارن برواية أصحاب ابن جريج الحفاظ.

الثاني: أن بعض الرواة روى الحديث عن إسماعيل بن عيّاش، عن عباد ابن كثير، وعطاء بن عجلان، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة بمثله مرفوعاً. رواه الدارقطني، وقال: عباد بن كثير، وعطاء بن عجلان ضعيفان (٥). وعباد بن كثير الذي يروي عنه إسماعيل بن عياش هو الثقفي البصري (٦)، وهو أسوأ حالا من الرملي، فقد قال فيه غير واحد: لا يكتب حديثه (٧)، وقال الإمام أحمد: روى


(١) علل ابن أبي حاتم ١/ ٣١ ح ٥٧، و ١/ ١٧٩ ح ٥١٢.
(٢) الإمام في معرفة أحاديث الأحكام ٢/ ٣٤٥.
(٣) أخرجه الدارقطني ١/ ١٥٥.
(٤) سنن الدارقطني ١/ ١٥٤.
(٥) الموضع نفسه.
(٦) انظر: تهذيب الكمال ٣/ ١٦٣ - ١٦٤.
(٧) تهذيب الكمال ١٤/ ١٤٧ - ١٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>