للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمحمد بن إسحاق وحماد بن سلمة، فقد ورد عن الإمام أحمد إنكاره عليهم بالعلة نفسها كما سيأتي، وأما الزهري فقد تقدم أنه بلغ من الحفظ والاتقان ما يسوغ له ذلك.

ومن هؤلاء الرواة أيضاً محمد بن إسحاق إمام المغازي. قال المروذي: "سألته يعني الإمام أحمد عن محمد بن إسحاق، كيف هو؟ قال: هو حسن الحديث، ولكنه إذا جمع عن رجليْن. قلت: كيف؟ قال: يحدّث عن الزهري ورجل آخر، فيحمل حديث هذا على هذا " (١). فإذا جمع بين الرجلين فقد يكون الرجل الآخر ضعيفاً، أو يكون في نفسه ثقة لكن بين حديثه وحديث الزهري مثلاً تفاوتاً فيحمل حديث أحدهما على الآخر بلا تمييز، ويقع بسبب ذلك في الوهم والغلط.

وروى الخطيب من طريق أيوب بن إسحاق بن سافري قال: "سألت أحمد بن حنبل فقلت: يا أبا عبد الله! ابن إسحاق إذا انفرد بحديثه تقبله؟ قال: لا والله! إني رأيته يحدث عن جماعة بالحديث الواحد، ولا يفصل كلام ذا من كلام ذا" (٢).

وقال ابن هانئ عن الإمام أحمد أنه سمعه يقول: "إبراهيم بن سعد من أحسن الناس حديثاً عن محمد بن إسحاق، فإذا جمع بين رجلين، يقول: حدثني فلان وفلان، لم يحكمه" (٣). يقصد ابن إسحاق إذا جمع بين رجلين، ولا يقصد إبراهيم بن سعد، إذ لم يرد عن الإمام أحمد تضعيفه بحال. وقوله: "لم يحكمه" يدل بمفهومه على أن من يُحكم هذا الجمع لما له من مزيد الضبط والاتقان يكون ذلك منه مقبولاً.

فهذه من الأمور التي اعتمدها الإمام أحمد لتقرير خفة ضبط ابن إسحاق


(١) العلل ومعرفة الرجال ـ برواية المروذي وغيره ٦١ رقم ٥٥.
(٢) تاريخ بغداد ١/ ٢٣٠.
(٣) مسائل الإمام أحمد ـ برواية ابن هانئ ٢/ ٢٢٥ رقم ٢٢٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>