للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما، فإذا حدث به عن الآخر على الانفراد أوقفه أو أرسله" (١).

وحيث لم يكن لدى الراوي من الحفظ والاتقان ما يجعله يميز الألفاظ أو أوجه الرواية فجمعه للشيوخ في الإسناد يكون موضع الانتقاد لما يقع من حمل حديث بعضهم على بعض، وإدخال حديث في آخر.

ومما تقدم تتلخص الصور المحذورة لجمع الشيوخ في الإسناد عند رواية الحديث الواحد في ثلاث صور:

١. أن لا يكون لدى الراوي من الحفظ والمعرفة ما يؤهله للرواية بالمعنى، في حالة روايته لحديث تتفاوت ألفاظ شيوخه فيه مع اتحاد معنى ما رووه.

٢. أن لا يكون الراوي من الحفاظ المتقنين العارفين بمواضع الاتفاق والاختلاف في مرويات شيوخه.

٣. أن يكون بعض الشيوخ ضعيفاً، فإنّ جمع الشيوخ في هذه الصورة يؤدي إلى حمل حديث الضعيف على حديث الثقة.

وقد كان الإمام أحمد ينتقد على الرواة جمعهم بين الشيوخ في الأسانيد، وتكلم فيهم من أجل ذلك، والظاهر أن ذلك راجع إلى هذه المحاذير. وهذا أحد أوجه جرحه لمحمد بن عمر الواقدي وتركه لحديثه. قال إبراهيم الحربي: "سمعت أحمد ـ وذكر الواقدي ـ فقال: ليس أُنكر عليه شيئاً إلا جمعه الأسانيد ومجيئه بمتن واحد على سياقة واحدة عن جماعة، وربما اختلفوا. قال إبراهيم: ولم؟ وقد فعل هذا ابن إسحاق، كان يقول: حدثنا عاصم بن عمر، وعبد الله بن أبي بكر، وفلان، وفلان، والزهري أيضاً قد فعل هذا"، وفي رواية أخرى ذكر معهم حماد بن سلمة أيضاً (٢). وما ذكره الحربي من الاستدراك


(١) شرح علل الترمذي ٢/ ٨٦٦.
(٢) تاريخ بغداد ٣/ ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>