للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجه إعلال الإمام أحمد للحديث:

أعله الإمام أحمد بأن يحيى القطان قد أخطأ في رواية الحديث حيث رواه بالمعنى، وذلك أنه قال مكان "نبي": "رسول الله"، واللفظان يختلف مدلولهما، قال شيخ الإسلام ابن تيمية "النبى هو الذي ينبئه الله، وهو ينبئ بما أُنبأ به فإن أُرسل مع ذلك إلى من خالف أمر الله ليُبلغه رسالة من الله إليه فهو رسول، وأما إذا كان إنما يعمل بالشريعة قبله ولم يرسله هو إلى أحد يبلغه عن الله رسالة فهو نبي وليس برسول" (١).

فأوضح الإمام أحمد بأنهم لو قالوا: [نشهد أنك رسول الله] كما قال يحيى كانا قد أسلما، لأن ذلك يتضمن شهادتهم بصدق بعثته وقبول رسالته، بخلاف ما لو قالوا: نشهد أنك نبي، فإن ذلك لا يدل إلا على شهادتهم بأنه منبَّأ ومُوحى إليه، ولا يقتضي إقرارهم برسالته، ولا يدخلون في الإسلام بمجرد ذلك. وفي الحديث أنهما لم يُسلما، لأنه ورد في رواية الجماعة: "فما يمنعكما أن تتبعاني؟ " قالا: إن داود عليه السلام دعا أن لا يزال من ذريته نبيٌّ، وإنا نخشى إن أسلمنا أن يقتلَنا يهود (٢)، فدل على خطأ لفظة: [نشهد أنك رسول الله] التي ذكرها القطان، وهذا ما نص عليه الإمام أحمد. وفي هذا الإعلال من الإمام أحمد نكتة بديعة، وهي أن الشخص لا يحكم بدخوله في الإسلام بالإقرار بنبوته صلى الله عليه وسلم فحسب، بل لا بد أن ينضم إلى ذلك الإقرار برسالته عليه الصلاة والسلام، ولم أهتد إلى مزيد بيان حول هذه المسئلة في كتب العقيدة، وهي تحتاج إلى مزيد بحث في مسائل العقيدة.

واستبدال النبي بالرسول في هذا الموضع ليس مثل ما وقع في حديث


(١) النبوات ٢/ ٧١٤.
(٢) المسند ٣٠/ ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>