للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقع ذلك عند وجود الاختلاف في الألفاظ، فإن لم يؤد ذلك الاختلاف إلى اختلاف في المعنى، دل على أن بعض الرواة تصرف في الألفاظ فروى بالمعنى، وأنه قد أصاب فلا وجه لإعلال ما رواه، مثل ما وقع من الاختلاف بين الثوري ومن خالفه في حديث عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر في سهم الفارس والراجل من الغنيمة كما تقدم. وإن أدى الاختلاف إلى اختلاف في المعنى كان ذلك مورداً من موارد الإعلال، فينظر في الذي ينفرد بلفظ مخالف لرواية أكثر أو أحفظ الرواة فيحكم عليه بالخطأ، ويُرجع سبب الخطأ إلى الرواية بالمعنى إن وجدت قرائن تدل عليها (١)، ثم إن كان المتفرد من الفقهاء المعتنين بالرأي فيقوى الظن بأنه حمل لفظ الحديث على رأيه الفقهي، أو كان ممن يحدث من حفظه لا سيما إذا لم يشتهر بالفقه، يقوى الظن بأنه تصرف في اللفظ فأخطأ وأحال المعنى. ولا شك أن الذي يكثر منه الوقوع في الخطأ من أجل الرواية بالمعنى تتأثر بذلك منزلته في الجرح والتعديل من حيث الضبط، وعليه يحمل ترك الإمام أحمد لمعلى بن منصور الذي كان يحدث بما يوافق الرأي ويقع في الأخطاء. وأما ما ورد عن أهل الإتقان من الخطأ بسبب الرواية بالمعنى كيحيى القطان، ووكيع فيحمل على الأوهام والأخطاء التي لا يسلم منها أحد مهما بلغ في الحفظ والإتقان إلا المعصوم، ولا يحكم عليهم بسوء الحفظ، والله أعلم.


(١) قد يقع الاختلاف في اللفظ والمعنى ولا يكون ذلك بسبب الخطأ في الرواية بالمعنى، ويكون بسبب مجرد الوهم أو مطلق سوء الحفظ حيث بدل الراوي لفظة بأخرى، كما يحتمله حديث يحيى القطان في كراهية أن يعرى المسجد بدل أن تعرى المدينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>