للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما اختصره وكيع أوهم أن يكون قال لها ذلك في غسلها من الحيض، بينما قال لها ذلك وهي في الحيض، ولماّ ينقطع عنها، ولكن أمرها أن تغتسل للإحرام في حال الحيض، فأخل الاختصار بمعنى أصل الحديث، واستدل به على حكم لا يدل عليه، وهو امتشاط المرأة ونقضها شعرها عند غسلها من الحيض. فالإمام أحمد أنكر مثل هذا الاختصار الذي يخل بالمعنى أويحيله، قال الخلال: "إنما أنكر أحمد مثل هذا الاختصار الذي يُخل بالمعنى، لا أصل الاختصار" (١).

والدليل على أن وكيعاً هو الذي اختصر الحديث وليس أبو بكر بن أبي شيبة الراوي عنه كما ذهب إليه أبو بكر الخلال (٢)، كون ابن أبي شيبة قد توبع عن وكيع بمثل هذا اللفظ المختصر، فتابعه علي بن محمد وهو الطنافسي عند ابن ماجه كما تقدم، وتابعه أيضاً إبراهيم بن مسلم الخوارزمي في "كتاب الطهور" كما قال ابن رجب (٣). وقد رواه الإمام أحمد، وأبو كريب كلاهما عن وكيع بدون اختصار (٤). وكذلك نقل المروذي عن الإمام أحمد يدل على أن إنكاره هذا الاختصار كان موجهاً إلى وكيع.

فهذا الاختصار المخل بالمعنى هو وجه بطلان الحديث عند الإمام أحمد وإنكاره على راويه، وإنما وقع فيه الراوي بتصرفه في اللفظ وحمله على المعنى الذي فهمه. فالإمام أحمد رحمه الله يعتبر مثل هذا الاختصار سببا من أسباب إعلال الأحاديث.

فالخلاصة أن الرواية بالمعنى أحد أسباب وقوع العلل في الروايات، وإنما


(١) فتح الباري لابن رجب ١/ ٤٧٧.
(٢) انظر: الموضع السابق.
(٣) الموضع السابق.
(٤) مسند الإمام أحمد ٤٢/ ٣٧٨ ح ٢٥٥٨٨، صحيح مسلم ٢/ ٨٧٢ ح ١٢١١ (١١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>