للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه النصوص عن الإمام أحمد أثبتت الأمور التالية:

١. إن عطاء بن السائب قد تغيّر في الآخر، وأن هذا التغيّر ليس بتغيّر خفيف، بل هو اختلاط شديد، حيث إنه يزعم أنه سمع من عَبيدة ثلاثين حديثاً والواقع أنه لم يسمع منه شيئاً، وبالتالي اعتبر الإمام أحمد سماع من سمع منه في زمن التغيّر لا شيء.

٢. إن عطاءَ بن السائب قبل التغيّر ثقةٌ صالحٌ صحيحُ الحديث عند الإمام أحمد.

٣. ضابط التمييز بين السماع قبل الاختلاط وبعده: الظاهر من رواية أبي داود عن أحمد أن ذلك يرجع إلى مكان السماع، فمن سمع منه بالكوفة فهو قبل الاختلاط، ومن سمع منه بالبصرة فهو بعد الاختلاط (١). فكأن قدومه البصرة كان في آخر حياته.

٤. ذكرُ من سمع من عطاء قبل الاختلاط ومن سمع منه بعده، فذكر ممن سمع منه قبل الاختلاط: شعبة بن الحجاج، وسفيان الثوري. ومما يدل على صحة سماعهما ما ذكره أبو داود قال: قلت لأحمد: يُشاكل أحدٌ سفيانَ وشعبةَ في عطاء؟ قال: لا، قلما يختلف عنه سفيان وشعبة (٢). وهذا يدل على ضبط عطاء لحديثه حال الصحة حيث قل أن يختلف عنه هذان الحافظان.

ومنهم أيضاً سفيان بن عيينة:

قال أبو داود: سمعتُ أحمد قال: سماعُ ابن عيينة عنه مقاربٌ ـ يعني من


(١) وانظر أيضاً: شرح علل الترمذي لابن رجب ٢/ ٧٣٧. وممن وافق الإمام أحمد على هذا الحافظ أبو حاتم الرازي، فيرى أن حديث البصريين عن عطاء فيه تخاليط كثيرة لأنه قدم عليهم في آخر عمره الجرح والتعديل ٦/ ٣٣٤.
(٢) مسائل الإمام أحمد ـ برواية أبي داود ٣٨٢/ ١٨٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>