للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجه إعلال الإمام أحمد للحديث:

حكم الإمام أحمد على رواية السهمي عن سعيد الموصولة بأنها خطأ، وأن الصحيح رواية ابن علية وغيره عن سعيد المرسلة، وجعل هذا الخطأ من حفظ سعيد وليس من السهمي، بمعنى أن سعيداً لما كان يعتمد على حفظه ولم يكن له كتاب يسهل عليه أن يقع في الخطأ، ووجه ذلك أن كلاً من ابن علية وعبد الله بن بكر السهمي ممن سمع من سعيد في الصحة، فانتفى أن يكون الخطأ راجعاً إلى اختلاط سعيد، وكلاً منهما ثقة، فإذا اختلافا توجه أن يكون الخطأ من شيخهما إذ المترجّح أن كلاً منهما حافظٌ لما رواه لثقته فتعين أن يكون من حدّثهما هو المخطئ، وإن ترجّح أن الخطأ من سعيد فرواية السهمي ليست بأولى بالخطأ من رواية ابن علية، فما وجه ترجيح رواية ابن علية إذاً؟ أشار الإمام أحمد إلى ذلك بأن غير ابن علية روى الحديث بالإرسال وأنهم عدةٌ، والظاهر أنه لا يقصد عباد بن العوام الذي روى الحديث عن سعيد، فإن روايته لا تؤثر في الترجيح لكونها عن سعيد نفسه، وإنما عنا بذلك رواية هشام الدستوائي، عن قتادة، عن أبي المليح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورواية بهز بن أسد، ومحمد بن كثير كلاهما عن همام، عن قتادة به مرسلاً أيضاً. فرواية هشام الدستوائي أخرجها النسائي من طريق أبي عامر العقدي عنه (١)، ورواية بهز بن أسد عن همام أخرجها الإمام أحمد في المسند (٢)، وأخرج أبو داود (٣) رواية محمد بن كثير عن همام. فهتان الروايتان عن قتادة ترجحان رواية سعيد الموافقة لهما. وقد وافق الإمامَ أحمد على ترجيح رواية الإرسال الإمامُ النسائي (٤).


(١) السنن الكبرى للنسائي ٣/ ١٨٦ رقم ٤٩٧٢.
(٢) المسند ٣٤/ ٣١٥ رقم ٢٠٧١٠
(٣) السنن ٤/ ٢٥١ رقم ٣٩٣٣.
(٤) انظر: السنن ٤/ ١٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>