للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقيل له عبد الرزاق فقال: ليس بشيء كانوا يلقنونه بعد ما ذهب بصره (١).

فهذه الأقوال عن الإمام أحمد تدل على أمرين:

١. أن عبد الرزاق قد كفّ بصره وأصبح يقبل التَّلقين، وسماع من سمع منه بعد ذلك لا شيء.

٢. يتميز حديثه الصحيح من الذي فيه علة بأحد أمرين:

الأول: أن يكون من رواية من سمع منه قبل ذهاب بصره، وضابطه أن يكون سماعه منه قبل سنة مائتين.

الثاني: أن يكون الحديث ثابتاً في أصل كتبه (٢).

ما أعله الإمام أحمد من حديثه بكونه من رواية من سمع منه بعد ما عمي

قال الأثرم: سمعت أبا بعد الله يُسال عن حديث: النار جبار، فقال: هذا باطل، ليس من هذا شيء، ثم قال: من يُحدِّث به عن عبد الرزاق؟ قلت: حدثني أحمد بن شبويه. قال: هؤلاء سمعوا بعد ما عمي، كان يُلقّن فلقِّنه، وليس هو في كتبه، وقد أسندوا عنه أحاديث ليست في كتبه، كان يُلقَّنُها بعد ما عمي (٣).


(١) مسائل الإمام ـ برواية إسحاق بن هانئ ٢/ ٢٠٤ رقم ٢١٠٦.
(٢) وهذا وجه التفصيل الذي ذكره ابن حجر في حديث الدبري عن عبد الرزاق، وكان سماعه منه بعد الاختلاط قال: المناكير الواقعة في حديث الدبري إنما سببها أنه سمع من عبد الرزاق بعد اختلاطه، فما يوجد من حديث الدبري عن عبد الرزاق في مصنفات عبد الرزاق فلا يلحق الدبري منه تبعة إلا إن صحّف أو حرّف، وقد جمع القاضي محمد بن أحمد بن مفرج القرطبي الحروف التي أخطأ فيها الدبري وصحفها في مصنف عبد الرزاق، إنما الكلام في الأحاديث التي عند الدبري في غير التصانيف فهي التي فيها المناكير، وذلك لأجل سماعه منه في حال اختلاطه فتح المغيث ٤/ ٣٨٣، فمفاده أن الأحاديث التي في تصانيف عبد الرزاق ليس فيها الكلام، وهذا ما أفاده قول الإمام أحمد: ما كان في كتبه فهو صحيح، وما ليس في كتبه فإنه كان يلقّن فيتلقّن.
(٣) تهذيب الكمال ١٨/ ٥٧، وانظر: سير أعلام النبلاء ٩/ ٥٦٨، وشرح علل الترمذي ٢/ ٧٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>