للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الوليد بن مسلم: "احترقتْ كتبُ الأوزاعي فقيل له: يا أبا عمرو، نسختُها عند ابن الأسود؟ فقال: نتحدّث بما حفِظنا منها" (١).

وإذا كان الأمر كذلك فكلام الإمام أحمد في حديث الأوزاعي عن يحيى ابن أبي كثير محمول على ما عرف من منهجه من تقديم حفظ الكتاب على حفظ الصدر كما سيأتي، ومن أجل ذلك جعل أثبت الناس في يحيى بن أبي كثير هشام الدستوائي وأخّر الأوزاعي، فقال كما روى أبو داود: "ليس أحدٌ أثبت في يحيى ابن أبي كثير من هشام الدَّستوائي" (٢). وقال أبو زرعة الدمشقي: "سألت أحمد ابن حنبل عن أصحاب يحيى بن أبي كثير فقال: هشام، قلت: ثم من؟ قال: ثم أبان، قلت: ثم من؟ فذكر آخر، قلت: له فالأوزاعي؟ قال: الأوزاعي إمام" (٣). وقال صالح: قال أحمد: "وحرب بن شداد، وأبان، وشيبان ثبت في كل المشايخ، وهمام. قلت: الأوزاعي؟ قال: هؤلاء أثبت من الأوزاعي" (٤). وقال الأثرم: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول: "شيبان أحب إلي من الأوزاعي في يحيى بن أبي كثير وهو صاحب كتاب صحيح، حديثه صالح" (٥).

وعلى هذا فيجتنب تلك المواضع التي أخطأ فيها الأوزاعي في حديث يحيى بن أبي كثير، وإذا خالفه غيره ممن هو أثبت منه في يحيى فإنه يُقدم عليه (٦).

وممن اتخذ مثل موقف الإمام أحمد في حديث الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير


(١) مسائل الإمام أحمد ـ برواية أبي داود ص ٤١٩ - ٤٢٠، وانظر: مسند أبي عوانة ١/ ٣٢١.
(٢) سؤالات أبي داود السجستاني للإمام أحمد بن حنبل ص ٣٣٤ رقم ٤٨٩.
(٣) الكامل في ضعفاء الرجال ١/ ١٠٠.
(٤) مسائل الإمام أحمد ـ برواية ابنه صالح ٣/ ٤٢ م ١٢٩٨، ١٢٩٩.
(٥) الجرح والتعديل ٤/ ٣٥٦.
(٦) وهذا صنيع الشيخين في إخراجهما لحديث الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير كما يظهر للمتتبع لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>