للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما ما عدا أمثال هشيم ممن روى عمن لقيه ما لم يسمع منه فلم يقل في روايته إنها تدليس أو وصفه بأنه مدلِّس، وذلك مثل أيوب وروايته عن أنس، وكذا ابن عون عن أنس، وعطاء بن أبي رباح عن ابن عمر (١)، وأبان بن عثمان عن أبيه (٢) وغيرهم كثير ممن أرسلوا عمن رووا عنهم وقد ثبت لقاؤهم بهم دون السماع.

وأما ما ذكره في عبد المجيد بن أبي رواد أنه دلّس فيما صورته الإرسال الخفي فمحمول على التجوز في التسمية لما في صورة الإرسال الخفي من الإيهام لمن لم يكن له اطلاع على عدم لقاء الراوي لشيخه أو سماعه منه. وهذا الذي يجمع بين إطلاقه للتدليس في هذه الصورة أحياناً وعدم إطلاقه له في حين آخر.

وأما الصورة الثانية ـ وهي رواية من له إدراك والمعاصرة دون اللقاء، وهي الصورة الأخرى للإرسال الخفي ـ فلم أقف على إطلاق التدليس عليها عند الإمام أحمد، وقد جاء ذلك عن ابن معين، فإنه قال في رواية يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلاّم ـ وليس بينهما لقاء عند ابن معين ـ إنها مدلسة. والذي ورد عن الإمام أحمد هو إطلاق الإرسال على هذه الصورة كما قال في رواية عراك بن مالك عن عائشة، وكان قد أدركها لكنه لم يلقها (٣). وقد صرّح الخطيب بأن هذه


(١) انظر: ص ٦٠٥ - ٦٠٦.
(٢) المراسيل ٤٨.
(٣) انظر ما تقدم: ص ٦٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>