للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث من باب أخذه بالحديث الضعيف إذا لم يكن في الباب غيره.

خروج الإمام أحمد عن أصله في هذا الباب:

الأمثلة التي تقدم إيرادها تدل على الأصل الذي صدّرنا به هذا المطلب، وهو أن تفرد الراوي الثقة البارز في الحفظ والإتقان مقبول عند الإمام أحمد، وليس بمنكر. وقد جاء عن الإمام أحمد ما يدل على تركه لهذا الأصل في بعض المواضع، وذلك لاعتبارات تظهر لمن تتبع تلك المواضع بالنظر والدراسة.

فمن تلك الاعتبارات أن يكون الراوي الثبت معروفاً باتكاله على حفظه حتى سجلت له أخطاء عن شيخه الذي تفرد عنه. مثال ذلك:

روى عبد الله قال: "قال أبي في حديث وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم في المسلم يقتل الذِّمِّي خطأً، قال: كفارتُهما سواء. قال أبي: ليس يرويه غيرُ وكيع، ما أُراه إلا خطأ" (١).

فهذا الأثر رواه ابن أبي شيبة (٢) عن وكيع، ولم يقبله أحمد لأن راويَه وكيع قد تفرد به، ووكيع إمام حافظ، ومع ذلك لم يقبل ما تفرد به، ويبدو أن ذلك راجع إلى كون وكيع يعتمد على حفظه، فصار احتمال وقوع الأخطاء في رواياته قوياً. قال الفضل بن زياد: "قال أحمد بن حنبل: كان وكيع يحدث من حفظه، ولم يكن ينظر في كتاب، وكان له سقط، كم يكون حفظ الرجل! " (٣)، ومن أجل ذلك كان عبد الرحمن أكثر إصابة عند الإمام أحمد من وكيع في حديث


(١) العلل ومعرفة الرجال ـ برواية عبد الله ١/ ٣٢٥ رقم ٥٧٣.
(٢) مصنف ابن أبي شيبة ٥/ ٤١٥ ح ٢٧٥٤٠.
(٣) المعرفة والتاريخ ٢/ ١٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>