للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى العكس من ذلك عدم شهرته بالعلم والرواية تقتضي الحكم عليه بالجهالة، وهذا ما أشار إليه الإمام أحمد عند ما سأله أبو داود عن حديث عاصم بن لقيط ابن صبرة (١) عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ولنا غنم مائة" قال: "أتثبته؟ فقال عاصم: لم نسمع عنه حديثاً كذا ـ يعني لم نسمع عنه بكثير رواية ـ أي ليس عاصم بن لقيط بمشهور في الروايات عنه" (٢). فلم يثبت حديثه لأنه ليس مشهوراً بالرواية، وذلك أنه لم يرو عنه سوى إسماعيل بن كثير أبو هاشم المكي، وليس له عنه إلا حديث واحد. وأبو هاشم ثقة (٣)، لكن لم يعتبر الإمام أحمد روايته عنه مرقِّية له إلى رتبة الشهرة رافعة عنه وسم الجهالة، لأنه لما لم يكن له إلا حديث واحد دل ذلك على عدم شهرته برواية العلم.

وشهرة الراوي تعرف عند الإمام أحمد بأمور، وهذه الأمور هي الأوصاف المعتبرة عنده لرفع الجهالة، وهي كالتالي:


(١) عاصم بن لقيط بن صبرة العقيلي، روى عن أبيه وافِد بني المنبثق، وروى عنه إسماعيل بن كثير المكي أبو هاشم، ووثقه النسائي، والعجلي، وابن حجر، وحديثه عند أصحاب السنن الأربعة والبخاري في "الأدب المفرد". وقال الذهبي: ماروي عنه سواه، روى حديثاً واحداً.
تهذيب الكمال ٩/ ٥٣٩ - ٥٤٠، ميزان الإعتدال ٤٠٦٥، التقريب ٣٠٩٣.
(٢) مسائل الإمام أحمد ـ برواية أبي داود ٤٠٩ رقم ١٩٢٤.
والحديث أخرجه أبوداود السنن ١/ ٩٧ ح ١٤٢، ١٤٣، ١٤٤، والترمذي الجامع ١/ ٥٦ ح ٣٨، والنسائي السنن ١/ ٦٦، وأحمد ٢٦/ ٣٠٦ - ٣١٠ ح ١٦٣٨٠، ١٦٣٨٣ مطولاً ومختصراً. وفيه قال عليه الصلاة والسلام: "لنا غنم مائه لا نريد أن تزيد فإذا ولّد الراعي بهمه ذبحنا مكانها شاة". وفيه أيضاً: [يا رسول الله، أخبرني عن الوضوء قال: "خلل بين الأصابع، وبالغ في الإستنشاق إلا أن تكون صائماً". وكلهم رووه من طرق عن إسماعيل ابن كثير عن عاصم به.
(٣) وثقه أحمد في رواية أبي طالب الجرح والتعديل ٢/ ١٩٤، وفي رواية أبي داود سؤالات أبي دواد للإمام أحمد ١/ ٢٣٣ رقم ٢٢٧. وكذلك وثقه ابن سعد الطبقات الكبرى ٥/ ٣٥٦، والنسائي تهذيب الكمال ٣/ ١٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>