للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه روى حديثين لا أصل لهما، فهذا أحدهما، وقد تقدم الآخر في تفسير معنى «لا أصل له» عند الإمام أحمد في مبحث الإعلال بكذب الراوي (١). وهما الحديثان اللذان ذكر أبو زرعة الدمشقي إنكار الإمام أحمد لهما على ضمْرة.

فوجه الإنكار أن هذا الحديث لا يعرف من حديث الثوري، ولا من حديث عبد الله بن دينار، ولا من حديث ابن عمر.

وقد يقال: إذا كان ضمْرة ثقة مأموناً فلمَ لا يُقبل تفردُه عن الثوري، وهذه وجهة نظر من صحح الحديث كعبد الحق الإشبيلي (٢)، وابن القطان (٣)، وابن التركماني (٤)، واستحسن الشيخ الألباني كلام ابن التركماني في تصحيحه للحديث ورده على تضعيف البيهقي له (٥). فيقال في الجواب: هذا صحيح لو كان الذي تفرد عنه لم يكن كثير الحديث والتلاميذ مثل الثوري، ولو كان شيخه أيضاً لم يكن كذلك، أما وكلٌّ من ابن عمر، وابن دينار، والثوري معروف بكثرة الرواية (٦) والرواة، فكيف يغيب هذا الأصل عن جميع الرواة من لدن طبقة تلاميذ ابن عمر، مروراً بطبقة الرواة عن ابن دينار إلى طبقة تلاميذ الثوري، فلا يرويه إلا ضمْرة بن ربيعة الذي لم يُعرف بطول صحبته للثوري ولا بكثرة الرواية عنه، بل كان الثوري بالكوفة بينما هو بين دمشق وفلسطين، ولم يكن من الطبقة الأولى


(١) انظر: ص (١٧٢).
(٢) الأحكام الوسطى (٤/ ١٥).
(٣) بيان الوهم والإيهام (٥/ ٤٣٧).
(٤) الجوهر النقي (بهامش السنن الكبرى ١٠/ ٢٩٠). وتبعهم أبو إسحاق الحويني في تحقيقه على منتقى ابن الجارود (الموضع نفسه).
(٥) إرواء الغليل (٦/ ١٧٠).
(٦) أما ابن عمر فمعروف بأنه من المكثرين عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ذكره ابن حزم (٥/ ٨٩).
وأما عبد الله بن دينار فقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث (الطبقات الكبرى - القسم المتمم ص ٣٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>