للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذكر نحو هذا شريك بن عبد الله النخعي، فلعل من روى لجابر يقصد أنه يعتبر بحديثه، فعلى كلٍّ فروايته لا تصلح في الشواهد والمتابعات (١).

وبعد هذا البيان الشافي الكافي، فقد تأكد وتبين جليًّا بحمد الله وتوفيقه صحة قول ابن كثير والشوكاني في تضعيف جابر بن يزيد الجعفي، فلله الحمد أولًا وآخرًا، ظاهرًا وباطنًا.

القول الراجح:

ومما يظهر جليًّا بعد النظر والتأمل في قولي الفريقين (القائلين بنبوته، والمانعين لها):

أن موطن الخلاف في نبوة لقمان إثباتًا ونفيًا، هو أن القائلين بنبوته وهم قلة، قد أولوا الحكمة بالنبوة، والقائلين بأنه: عبدٌ حكيمٌ أُوتي الحكمة ومُنِعَ النبوة وهم الأكثرون، تأولوا الحكمة بمعناها ومفهومها ومدلولها اللغوي والشرعي:

فمفهومها ومدلولها اللغوي هو: وضع الشيء في موضعه.

- قال أبو إسماعيل الهروي (ت: ٤٨١ هـ): «الحِكْمَة: اسم لإحكام وضع الشيء في موضعه» (٢).

- وقال ابن القيِّم (ت: ٧٥١ هـ): «الحِكْمَة: فعل ما ينبغي، على الوجه الذي ينبغي، في الوقت الذي ينبغي» (٣).

ومفهومها ومدلولها الشرعي: ما تأولوه وبينوه من أقوال: بأن الحكمة هي: الفقه في الدين، والعقل، والأمانة، والقرآن، والعلم المقرون بالعمل الصالح، وغير ذلك.

من هنا كان إلقاء الضوء على كلام أهل التفسير في مفهوم ومدلول الحكمة في ضوء الآية


(١) الشيخ مقبل بن هادي الوادعي، المقترح في أجوبة أسئلة المصطلح، دار الآثار للنشر والتوزيع، صنعاء (طبعة ٣، ١٤٢٥ هـ -٢٠٠٤ م)، إجابة عن أسئلة فضيلة الشيخ أبي الحسن المأربي مصطفى بن إسماعيل السليماني - حفظه الله تعالى- السؤال رقم (٤٨) (ص ٥٣).
(٢) منازل السائرين (ص ٧٨).
(٣) مدارج السالكين (٢/ ٤٤٩).

<<  <   >  >>