وقال ابن عباد في رسائله الكبرى: «وقد رأيت في مواضع من كتبكم شيئًا أردت أن أنبهكم عليه، وهو أنكم تقولون فيها: حكى الله عن فلان، وحكى عن فلان كذا، وقد يقع مثل هذا في كلام الأئمة، وهذا عندي ليس بصواب من القول؛ لأن كلام الله تعالى صفة من صفاته، وصفاته تعالى قديمة، فإذا سمعنا الله تعالى يقول كلامًا عن موسى- عليه السلام- مثلًا وعن فرعون، أو أمة من الأمم، فلا يقال: حكى عنهم كذا؛ لأن الحكاية تؤذن بتأخرها عن المَحكي، وإنما يقال في مثل هذا: أخبر الله تعالى، أو أنبأ، أو كلام معناه هذا مما لا يفهم من مقتضاه تقدم ولا تأخر». ينظر: حاشية محقق المحرر الوجيز (طبعة قطر) (١/ ٦٣) … وينظر: ملتقى أهل التفسير … بتاريخ. ١١/ ٤/ ١٤٢٦ هـ. * يقول الباحث: والأسلم الذي لا شك فيه- استخدام الألفاظ الصحيحة- كالألفاظ الواردة في القرآن نحو قال الله، وكذلك الألفاظ الواردة بمعنى الإخبار والقصص فيقال: أخبر الله، وأنبأ الله، وقص الله، وذكر الله، ونحو ذلك، أو الألفاظ المستقاة من صفات الرب جل في علاه، وكذلك استخدام ما درج عليه السلف من ألفاظ (أعني: القرون الثلاثة) المزكاة على لسان من أنزل عليه القرآن عليه الصلاة والسلام. * ويقول الباحث معتذرًا للإمام ابن كثير: ولعل ابن كثير وجد لنفسه مندوحة وسعة وحجة في استخدام عبارة (حكى الله) ومثلها من الألفاظ، لاستخدام واستعمال مَن سبقه لها، أو على أن باب الإخبار عن الله تعالى أوسع من باب الصفات، وقد أشار إلى هذا المعنى غير واحد من أئمة أهل العلم المعتبرين كشيخ الإسلام ابن تيمية: في مجموع الفتاوى (٦٠/ ١٤٢)، وتلميذه الإمام ابن القيم في بدائع الفوائد (١/ ١٦١). * وما ذكره الباحث: عملًا بالأكمل والأحسن والأتم، وسدًّا لذريعة التوسع في هذا الباب، ولا سيما في زمن فشا فيه الجهل، وعمّت فيه البلوى، وانتشرت فيه البدع والمحدثات، وعمّ فيه البعد عن مصادر التلقي المستقاة من مشكاة الوحي، والله من وراء القصد، وهو الهادي إلى سواء السبيل، وهو أعلى وأعلم بالصواب.