للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول ابن عطية: «هَاتَانِ الْآيَتَانِ اعْتِرَاضٌ أَثْنَاءَ وَصِيَّةِ لُقْمَانَ، وَوَجَّهَ الطَّبَرِيُّ ذَلِكَ بِأَنَّهَا مِنْ مَعْنَى كَلَامِ لُقْمَانَ، وَمِمَّا قَصَدَهُ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُتَوَجِّهٍ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الآيَتَيْنِ (١) فِي شَأْنِ سَعْدِ ابْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه -حَسَبَ مَا ذَكَرَهُ بَعْدُ- يُضْعِفُ أَنْ تَكُونَ مِمَّا قالَهُ لُقْمَانُ، وَإِنَّمَا الَّذِي يُشْبَهُ أَنَّهُ اعْتِرَاضٌ أَثْنَاءَ المَوْعِظَةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُفْسِدٍ لِلْأَوَّلِ مِنْهَا وَلَا لِلْآخَرِ، وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ عَادَ إِلَى الْمَوْعِظَةِ عَلَى تَقْدِيرِ إِضْمَارِ: «وَقَالَ أَيْضًا لُقْمَانُ»، ثُمَّ اخْتَصَرَ ذَلِكَ لِدَلَالَةِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَيْهِ» (٢).

ويقول الزَّمَخْشَرِيُّ المعتزلي: «هُوَ كَلَامٌ اعْتُرِضَ بِهِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِطْرَادِ؛ تَأْكِيدًا لِمَا في وَصِيَّةِ لُقْمَانَ مِنَ النَّهْيِ عَنِ الشِّرْكِ» (٣).

ويؤكد نفس الأمر أبو السعود فيقول: «{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ} [لقمان: ١٤]، كلام مستأنف اعترض به على نهج الاستطراد في أثناء وصية لقمان تأكيدًا لما فيها من النهي عن الشرك» (٤).

وكذلك يقول الشوكاني: «{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ} [لقمان: ١٤] هَذِهِ الْوَصِيَّةُ بِالْوَالِدَيْنِ وَمَا بَعْدَهَا إِلَى قَوْلِهِ: {بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٥)} [لقمان: ١٥] اعْتِرَاضٌ بَيْنَ كَلَامِ لُقْمَانَ لِقَصْدِ التَّأْكِيدِ لِمَا قَبْلَهَا مِنَ النَّهْيِ عَنِ الشِّرْكِ بِاللَّهِ» (٥).

ويقول الألوسي أيضًا: «{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ} [لقمان: ١٤] إلخ، كلام مستأنف اعترض


(١) يعني: آية لقمان هذه {وَإِنْ جَاهَدَاكَ} [لقمان: ١٥]، وآية العنكبوت {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} [العنكبوت: ٨].
(٢) ابن عطية (٧/ ٤٧).
(٣) الزمخشري (٥/ ١٢).
(٤) أبو السعود (٧/ ٧٢).
(٥) الشوكاني فتح القدير (١/ ١١٤٢).

<<  <   >  >>