للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قِيلَ: الشُّكْرُ لِلَّهِ عَلَى نِعْمَةِ الْإِيمَانِ، وَلِلْوَالِدَيْنِ عَلَى نِعْمَةِ التَّرْبِيَةِ» (١).

ويقول ابن الجوزي: «الْمَعْنَى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ، أَيْ: وَصَّيْنَاهُ بِشُكْرِنَا وَشُكْرِ وَالِدَيْهِ» (٢).

قوله تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: ١٥] الآية: ولعظم بر الوالدين ولمكانته من الدين أمر الله ببرهما حتى ولو كانا كافرين، بل ولو جاهداك على أن تشرك بالله وبذلا وسعهما في ذلك، فلا يسقط برهما والإحسان إليهما ومصاحبتهما بالمعروف بل هو باق مع عدم إجابتهما وطاعتهما في المعصية.

يقول ابن كثير: «وَقَوْلُهُ: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا} [لقمان: ١٥]. أَيْ: إِنْ حَرَصَا عَلَيْكَ كُلَّ الْحِرْصِ عَلَى أَنْ تُتَابِعَهُمَا عَلَى دِينِهِمَا، فَلَا تَقْبَلْ مِنْهُمَا ذَلِكَ، وَلَا يَمْنَعَنَّكَ ذَلِكَ مِنْ أَنْ تُصَاحِبَهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا، أَيْ: مُحْسِنًا إِلَيْهِمَا» (٣).

ويبين القرطبي فيقول: «وَالْآيَةُ دَلِيلٌ عَلَى صِلَةِ الْأَبَوَيْنِ الْكَافِرَيْنِ بِمَا أَمْكَنَ مِنَ الْمَالِ إِنْ كَانَا فَقِيرَيْنِ، وَإِلَانَةِ الْقَوْلِ وَالدُّعَاءِ إِلَى الْإِسْلَامِ بِرِفْقٍ وَقَدْ قَالَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَقَدْ قَدِمَتْ عَلَيْهَا خَالَتُهَا. وَقِيلَ: أُمُّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمِّي قَدِمَتْ عَلَيَّ وَهِيَ رَاغِبَةٌ أَفَأَصِلُهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ». وَرَاغِبَةٌ قِيلَ مَعْنَاهُ: عَنِ الْإِسْلَامِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَالظَّاهِرُ عِنْدِي أَنَّهَا رَاغِبَةٌ فِي الصِّلَةِ، وَمَا كَانَتْ لِتَقْدُمَ عَلَى أَسْمَاءَ لَوْلَا حَاجَتُهَا. وَوَالِدَةُ أَسْمَاءَ هِيَ قُتَيْلَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عَبْدِ أَسَدٍ. وَأُمُّ عَائِشَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ هِيَ أُمُّ رُومَانَ قَدِيمَةُ الْإِسْلَامِ» (٤).


(١) المرجع السابق، القرطبي (١٤/ ٦١).
(٢) ابن الجوزي (٦/ ٣١٩).
(٣) ابن كثير (٧/ ٣٣٦).
(٤) القرطبي (١٤/ ٦٠).

<<  <   >  >>