للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأصل الحديث في «الصحيحين»: تقول أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما: قدمت عليَّ أمي وهي مشركة في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاستفتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قلت: قدمت عليَّ أمي وهي مشركة، أفأصلها؟ قال: «نعم: صِلي أمك» (١).

ويوضح ابن سعدي فيقول: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ} [لقمان: ١٥] أي: اجتهد والداك {عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا} [لقمان: ١٥] ولا تظن أن هذا داخل في الإحسان إليهما، لأن حق الله مقدم على حق كل أحد، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولم يقل: وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فعقهما، بل قال: فلا تطعهما أي: في الشرك، وأما برهما، فاستمر عليه، ولهذا قال: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: ١٥] أي: صحبة إحسان إليهما بالمعروف، وأما اتباعهما وهما بحالة الكفر والمعاصي، فلا تتبعهما» (٢).

سبب نزول آية {وَإِنْ جَاهَدَاكَ} [لقمان: ١٥]:

قال الطبري: «قَالَ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ: نَزَلَتْ فِيَّ {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: ١٥] قَالَ: لَمَّا أَسْلَمْتُ، حَلَفَتْ أُمِّي لَا تَأْكُلُ طَعَامًا وَلَا تَشْرَبُ شَرَابًا. قَالَ: فَنَاشَدْتُهَا أَوَّلَ يَوْمٍ، فَأَبَتْ وَصَبَرَتْ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِي نَاشَدْتُهَا، فَأَبَتْ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ نَاشَدْتُهَا فَأَبَتْ. فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَوْ كَانَتْ لَكِ مِائَةُ نَفْسٍ لَخَرَجَتْ قَبْلَ أَنْ أَدَعَ دِينِي هَذَا، فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ، وَعَرَفَتْ أَنِّي لَسْتُ فَاعِلًا أَكَلَتْ» (٣).


(١) البخاري (٥٩٧٩)، ومسلم (١٠٠٣).
(٢) ابن سعدي (٦/ ١٣٥٢).
(٣) الطبري (٢٠/ ١٣٩) «وأمه هي: حمنة بنت أبي سفيان بن أمية».

<<  <   >  >>