للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول الزهري رحمه الله تعالى: «دخلتُ على أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه بدمشقَ وهو يبكي، فقلت له: ما يبكيك؟ فقال: لا أعرفُ شيئًا مما أدركتُ على عهدِ رسول الله إلَّا هذه الصلاة، وهذه الصلاةُ قد ضُيِّعت» (١).

وأثر أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه يوضح عناية السلف بشأن الصلاة وبإقامتها كما أمر الله تعالى وكما علم رسوله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول ابن عباس رضي الله عنهما: «ليس لك من صلاتك إلاَّ ما عَقَلت منها» (٢).

وإن مما يندرج ضمنًا تحت معنى إقام الصلاة، أن تُؤدَى في أوقاتها كما قال الله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا (١٠٣)} [النساء: ١٠٣].

وقال تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (٢٣٨)} [البقرة: ٢٣٨].

يقول القرطبي: «قوله تعالى: (حَافِظُوا) خطاب لجمع الأمة، والآية أمر بالمحافظة على إقامة الصلوات في أوقاتها بجميع شروطها. والمحافظة هي المداومة على الشيء والمواظبة عليه» (٣).

ويقول الطبري: «يعني تعالى ذكره بذلك: واظبوا على الصلوات المكتوبات في أوقاتهن، وتعاهدوهن والزَمُوهن، وعلى الصلاة الوسطى منهنّ» (٤).

وإن مما يندرج ضمنًا تحت معنى إقام الصلاة أيضًا تأديتها في جماعة قال تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (٤٣)} [البقرة: ٤٣].

وقوله سبحانه: {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} أي: صلوا مع المصلين، ففيه الأمر بالجماعة للصلاة ووجوبها (٥).


(١) صحيح البخاري: كتاب مواقيت الصلاة (٥٣٠).
(٢) مجموع الفتاوى (٧/ ٣١).
(٣) القرطبي (٣/ ٢٠٨).
(٤) الطبري (٥/ ١٦٧).
(٥) ابن سعدي (١/ ٥٠).

<<  <   >  >>