للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي هذا الصدد يقول الواحدي: «ولا يحل القول فِي أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ووقف عَلَى الأسباب، وبحث عن العلم وجدَّ فِي الطِّلب.

وَقَد ورد الشرع بالوعيد للجاهل ذي العِثار فِي هذا العِلْم بالنار» (١).

ويقول الشيخ مُقبلُ بنُ هادي الوادِعيُّ: «فالعلماء يعتمدون في معرفة سبب النزول على صحة الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عن الصحابي؛ فإن إخبار الصحابي عن مثل هذا له حكم الرفع» (٢) انتهى.

قال ابن عاشور: «ورفع الصوت في الكلام يشبه نهيق الحمير فله حظ من النكارة، لأن صوت الحمير أنكر الأصوات» (٣).

يقول القاسمي: «{وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ} [لقمان: ١٩] أَيِ: انْقُصْ مِنْ رَفْعِهِ، وَأَقْصِرْ، فَإِنَّهُ يُقَبَّحُ بِالرَّفْعِ حَتَّى يُنْكِرَهُ النَّاسُ، إِنْكَارَهُمْ عَلَى صَوْتِ الْحَمِيرِ، كَمَا قَالَ: إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ مُعَلِّلًا لِلْأَمْرِ عَلَى أَبْلَغِ وَجْهٍ وَآكَدِهِ وَ (أَنْكَرَ) بِمَعْنَى أَوْحَشَ، مِنْ قَوْلِكَ: (شَيْءٌ نُكُرٌ)؛ إِذَا أَنْكَرَتْهُ النُّفُوسُ وَاسْتَوْحَشَتْ مِنْهُ وَنَفَرَتْ» (٤).

ومما سبق يتبين أن علو الصوت لغير حاجة مع ما فيه من الضرر والأذى، فيه تشبه بصوت الحمير الذي فيه من النكارة والغاية في القبح والشر وأنه أبغض الأصوات وأوحشها، وهذا أسلوب غاية في التنفير والزجر لكل من تسول له نفسه في أن يعلو صوته ويؤذي سامعيه ومُخَاطَبيه، وهذا ما أراده لقمان لينزجر ولده وتتأفف نفسه الأبية بأن يكون فيها شبه من أخس المخلوقات وأوضعها.


(١) أسباب النزول (٥ - ٦).
(٢) الصحيح المسند في أسباب النزول (١٥).
(٣) ابن عاشور (٢٢/ ١٦٩).
(٤) القاسمي (١٣/ ٤٨٠٢).

<<  <   >  >>