للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والخلاصة:

أن العبادات عمومًا لها دور بارز في إصلاح النفس وتوجيهها إلى مكارم الأخلاق، وتزكيتها من كل شائبة، وقد سبق معنا بيان ذلك، فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وذلك لِمَا تجدده من معاني الإيمان؛ لأنها تجدد الصلة بالله في أوقات متفرقة ومتجددة يوميًّا في طرفي النهار ووسطه وآخره، والزكاة في طياتها معاني تزكية النفس من البخل والشح والأنانية وحب الذات، مع ما تجلبه للعبد من تطهير لماله ونماء له بإخلاف الله عليه، وما يجعل سبحانه من البركة للعبد في ماله ونفسه، وكذلك الصيام فرضه الله تزكية لعباده وتربية لهم على الخشية والمراقبة والكف عن الشهوات لتتحقق لهم مرتبة التقوى، وكذلك شعيرة الحج وما يترتب عليها من تحصيل المراتب العالية من جليل وجميل الصفات، وتحقيق معاني الأخوة الإيمانية، وما يترتب من جراء ذلك من تزكية للنفس وتربية لها على البذل والتضحية في ذات الله وابتغاء مرضاته، فالعبادات في الإسلام عمومًا بينها وبين تزكية النفس وتربيتها على مكارم الأخلاق ترابط وتلازم لا ينفكان أبدًا، ولذا عقد ابن القيم في «مدارج السالكين» فصلًا بعنوان: (الدين كله خلق)، فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الدين (١).

فالعقيدة الصحيحة تدفع المؤمن لأداء العبادات على الوجه المطلوب تقربًا لله تعالى، والعبادة الصحيحة هي التي تترك أثرًا وانطباعًا على سلوك المؤمن وأخلاقه، وهذا تلازم وترابط لا ينفك أبدًا بين تلك الجوانب جميعًا.

وأخيرًا:

فهذا بيان لتأكيد التلازم والترابط بين تلك الجوانب جميعًا مصحوبًا بأمثلة من كتاب الله تعالى.

وإن المتأمل في كتاب الله خاصة في القرآن المكي يجد ذلك واضحًا جليًّا، وأشير فقط لمواضع من كتاب الله ليتأمل من أراد الاستزادة.


(١) مدارج السالكين (٢/ ٣٠٧).

<<  <   >  >>