للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المثال الأول:

يقول الله تعالى في سورة البقرة، الآية (١٧٧): {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (١٧٧)}.

يتبين في الآية السابقة من سورة البقرة -وهي مدنية- التلازم والترابط بين جوانب العقيدة والعبادة والأخلاق، ففي الآية الكريمة نرى تلازمًا وترابطًا بين جملة من الأخلاق وهي إنفاق المال على حبه وإيتائه لمستحقيه، وبين جملة من العبادات المحضة كالصلاة والزكاة، والوفاء بالعهد والصبر وهما من مكارم الأخلاق، وجعل كل ما سبق من العبادات والأخلاق الحسنة والأخلاق الكريمة من علامات الإيمان وخصاله الدالة عليه.

المثال الثاني:

صدر سورة المؤمنون -وهي مكية- الآيات من ١ إلى ٩، قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (٣) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (٤) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (٧) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (٨) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (٩)} [المؤمنون: ١ - ٩].

فالمتأمل في تلك الآيات يجد الترابط والتلازم بين الإيمان والعبادة والأخلاق، فالآيات افتتحت بالصلاة وختمت بها مع ما تضمنته بين الافتتاح والخاتمة من وصف الإيمان وفلاح أهله وبيان لبعض العبادات كالزكاة، ثم بيان لجملة من أخلاق أهل الإيمان، وفي ذلك برهان ساطع على التلازم والترابط بين تلك الجوانب جميعًا.

<<  <   >  >>