فوقعَ جَعْفَر: لم أوخر ذكرَك تناسياً لحقك، وَلَا إغفالاً لواجبك، وَلَا إرجاءً لِمُهمِّ أمرِك، وَلَكِن يرقَبتُ اتْساع الْحَال وانفساحَ الأعْمال لأخصِّك بأسْناها خطراً، وأجَلِّها قدْراً، وأعْودِها ينفعٍ عَلَيْك، وأوْفرها رزقا لَك، وأقربها مَسَافَة مِنْك، وَإِذا كُنت مِمَّن يحفرُهُ الإعْجال، وَلَا يتسعُ لَهُ الإمُهال، فسأختارُ لَك مَا يُشِير إِلَيْهِ الوَقت، وأقَدمُ النظرَ فِيهِ وأجعلُه أول مَا أمَضيه. قَالَ الحسنُ بنُ سهل: لَا يكسد رَئِيس صِناعة إِلَّا فِي شَرّ زمَان، وأخس سُلْطَان. اعتل ذُو الرّياستين بخُرَاسانَ مُدَّة طَوِيلَة ثمَّ أبَلّ واستقلّ وَجلسَ للنَّاس فدخلُوا إِلَيْهِ وهنئُوه بالعافية، فأنصت لهمْ حَتَّى تقضي كَلَامهم، ثمَّ انْدفع فَقَالَ: إِن فِي الْعِلَل نِعماً لَا يَنْبَغِي للعقلاء أَن يجهلُوها، مِنْهَا تمحيصٌ للذنب، وتعريضٌ لثواب الصبْر، وإيقاظٌ من الغفلةِ، وإذكارٌ بالنعمةِ فِي حَال الصِّحَّة، واستدعاءٌ للتَّوْبَة، وحضًّ على الصدقةِ، وَفِي قَضَاء اللهِ وَقدره بعد الخيارُ. فَانْصَرف النَّاس بِكَلَامِهِ، ونسوا مَا قَالَ غَيره. كتب عَمْرو بن مسعدةَ: وَأَنا أحبُّ أَن يتقَّررَ عِندك أَن أملي فِيك أبعد من أَن أختلسَ الْأُمُور اختلاس من يرى أَن فِي عاجِلك عوضا من آجلِك، وَفِي الذاهبِ من يومِك بَدَلا من المأْمولِ فِي غدك. كتبَ ابْن الفراتِ على بن مُحَمَّد، وَمُحَمّد بنُ داودَ، وَمُحَمّد بنُ عبدون رقُعةً إِلَى الْعَبَّاس بنِ الحسنِ الوزيرِ يستزيدون فِيهَا، فَوَقع بخطٍ على ظهرهَا مَا حالكم حَال مستنيد، وَلَا فَوق مَا أَنا عليهِ لكم مِن مزِيد، فَإِن تكن الاستزادةُ من مَال فَهُوَ موفورٌ عليكُم، وَإِن نَكُنْ من رَأْي فالأعمالُ لكُم، ولي اسْمها، وَعلي عبُثُها، وثِقلُ تدبيرها وَأَقُول لعَلي بنِ مُحَمَّد من بينكمْ: مَا يطيقُ نَفسه تدللا واعتداداً أَمن بِؤُس كَانَت هَذِه الاستزادة أم من بطر النعمةِ، ودلالِ الترفة، ولي فِي أمرِ جماعتكم نظرٌ ينكشِفُ عَن قريب، حَسْبي، وحسبكم الله ونعمَ الحسيبُ -. قَالَ عبيد الله بنُ سُلَيْمَان: كنتُ أكتبُ بَين يَدي أبي سُلَيْمَان داودَ ابْن الْجراح فَقَالَ لي يَوْمًا: أصلحْ قلمَكَ، وأكتب أطالَ اللهُ بَقَاءَك، وأعزك، وأكرمَك، وَأتم نعمتَهُ عَلَيْك، وإحسانه إليكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute