وَلي الرشيدُ عَاملا خراجَ طَساسيج السَّواد، فَقَالَ لجَعْفَر ويحْيى: أوْصياه. فَقَالَ جعفرٌ: وفِّرْ واعْمُر. وَقَالَ يحيى: أنصِفْ وانتصف. وَقَالَ الرشيدُ يَا هَذَا: أحْسِنْ واعْدل. ففضَّل الناسُ كَلَام الرَّشيد. فَقيل لَهما: لمَ نقصَ كلامكما عَن كَلَامه؟ فَقَالَ جعفرٌ: لَا يعتدُّ هَذَا نُقْصَانا إِلَّا مَن لَا يعرف مَا لنا وَمَا عَلينا. إِنَّمَا أمَرْنا بمَا عليْنا أَن نأْمَر بِهِ، وأمير الْمُؤمنِينَ بِمَا لَهُ أَن يأْمرَ بِهِ؟ قَالَ رجلٌ ليحيى بن خَالِد - وَكَانَ مِنْ صنائعهِ: إِنِّي سمعتُ الرشيدَ وَقد خرجتَ من عندهِ يقولُ: قَتلنِي اللهُ إنْ لمْ أقْتلْك، فاحْتلْ لنفِسكَ. فَقَالَ: اسْكُتْ يَا أخي، إِذا جاءَ الإدبارُ كَانَ العطبُ فِي الحيلةِ. وأمَرَ يحيى كاتبيْن من كُتَّابهِ أَن يكتُبَا كتابا فِي معنى وَاحِد، فكّتبا، واخُتصَر أحدهُما، وأطَال الأخُر، فلّما قَرَأَ كتاب المختصِر، قَالَ: مَا أجدُ مَوْضع مَزيد. ثمَّ قَرَأَ كِتاب المطيلِ، فَقَالَ: مَا أجدُ موضِع نُقْصان؟ اعتذر رجلٌ إِلَى أبي عبد الله، فَلَمَّا أبْرم قالَ: مَا رَأيتُ عُذْراً أشْبَه باسْنِنان ذنبٍ من هَذَا. قَالَ بعضُهم الإبنِ الزياتِ: أَنا أمت إِلَيْك بجِوَاري لَك، وأرغبُ فِي عَطفك. فَقَالَ: أمَّا الجوارُ فنسبٌ بني الحِيطانِ، وأمّا العَطفُ والرقةُ فهُما للصبيانِ وَالنِّسَاء. وناظَره رجل فصَالحهُ على مَال، فَقَالَ لَهُ: عجَّل بِهِ. فَقَالَ الرجلُ. . أظُلمّ وتعجيلٌ؟ قَالَ: فصُلحٌ وتأْجيل؟ قيل ليحيى بن خَالِد: غيِّر حاجَبك. قَالَ: فمْن يعرف إخْوَانِي القُدماء؟ قَالَ عُبيد الله بن عبد الله بن طَاهِر: أَتَانِي كتابُ المعْتز، وكتابُ أحمدَ بن إسْرائيل. مَع رَسُول، ومعهُ رَأس بغُا. وَفِي الكُتُب أَن أنصِّبَهُ عَلى الْجَانِبَيْنِ، فلمْ أفَعل وكتبتُ إِلَى أحمدَ بن إِسْرَائِيل: قد أوجَب اللهُ عَليّ نُصح أَمِير الْمُؤمنِينَ من جهاتٍ: مِنها مَا تقتضيِه الدِّيانةُ، وتوجُبُهُ الإمامةُ، ومنْها اصطناع آبَائِهِ لخدمهمْ من أسْلافي، وَمِنْهَا اخْتِصَاصه إيَّايَ بجميل رأيهِ، وَمَعَ هَذَا فلمْ أكْن لأوخّر عَنك رَأيا مَعَ مَا أَنا علية من المناصَحةِ والشُّكر. وإنّ الكُتُب وَردت عَليّ بِنصب رأسِ بُغا فِي الجانِبيْن، وَقد أخرت ذَلِك حَتَّى يعودَ إِلَى الأمرُ بِمَا أعملُ عليْه وبُغا فقدْ علمْتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute