للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّه عَدَوُّ أَمِير الْمُؤمنِينَ وعدوّك وَقد أراحَ اللهُ منهُ حيثُ لم تتَهمْوا فِيهِ، وأخافُ أَن تتبعَكُم الأتراكُ عِنْد أوَّل شَغْبة بِهِ، ويطالبوكم بدمِهِ. ويجعلُوا ذلكِ ذَرِيعَة إِلَى إِيقَاع سُوءٍ، وَكَانَ الصَّوَابُ عِنْدِي أَن يغسِلهُ أميرُ الْمُؤمنِينَ ويُصَلِّي عليْه، ويدفنهُ ويُظهر حزنا، وَيَقُول: مَا أحِبُّ أَن يصَاب صغيرٌ مْنكم وَلَا كبيرُ، وَقد غمَّني أمْرُ بغا وَلَو وَصَل إِلَى لزدتُ فِي مرتْبِته، وَمَا يُشبهُ هَذَا. فوردَ على كتابُ أَحْمد بن إِسْرَائِيل يشكُر مَا كَانَ مني وَيحلف أنَّهُ سبقني إِلَى هَذَا الرَّأْي، واجتهدَ فيهِ، فَمَا أمْكنه إِلَّا أَن يفعل مَا فعَل، ولمْ يقبلْ قَوْله. وَفِي آخر كِتَابه. واعلمْ أنَّه قد حدث بعدَك وَهُوَ مِمَّا لَا نعْرفُه نحنُ، وَلَا أَنْت - رأيٌ للحُرَم والخدَم يُقبَل ويعملُ عَلَيْهِ، وَهَذَا فتح للخطأ وإغلاقُ للصوَّاب فانصب الرأسَ قَلِيلا، ثُمَّ أنفِذهُ إِلَى خراسَان. كُتب إِلَى جَعْفر بن يحيى أنَّ صَاحب الطَّرِيق قَدْ اشتطّ؟ َ فِيمَا يطلبُ من الْأَمْوَال، فوقّع جعفرٌ: هَذَا رجلٌ منقطعٌ عَن السُّلْطَان، وَبَين ذُؤبانِ العَرَب، بِحَيْثُ العددُ والعُدَّةُ، والقلوب القاسيةُ، والأُنوفُ الحميةْ، فليُمدَدْ من المَال بِمَا يستصلح بِهِ من مَعَه ليدفع بِهِ عدوَّه فغن نفقاتِ الحروب يُستَظهرُ لَهَا وَلَا يُستظهرُ عَلَيْهَا. وَأكْثر الناسُ شكيةَ عاملٍ فَوَقع إِلَيْهِ فِي قِصَّتهم يَا هَذَا قد كثر شاكُوك، وقلَّ حامِدوك، فإمِّا عدلتَ إمِّا اعتزلتَ. وَكَانَ يَقُول: إِن قدرتُم أَن تكُون كتبُكُم كلّها توْقيعات فافعلوا. كتب الفضلُ بنُ سهل فِي كتاب جَوَاب ساعٍ: وَنحن نرى أنَّ قبُول السِّعاية شرٌ من السّعَايَة، لأنّ السّعَايَة دلالةٌ، وَالْقَبُول إجازةٌ، فَاتَّقُوا السَّاعِي فَإِنَّهُ لَو كَانَ فِي سعَايته صَادِقا لَكَانَ فِي صدقِه لئيماً، إذْ لم يحفَظ الْحُرْمَة وَلم يسْتُر الْعَوْرَة. كَانَ يحيى بنُ خَالِد يَقُول: مَن تسبَّب إِلَيْنَا بشفاعة فِي عَمَل فقدْ حلِّ عندنَا محلَّ من ينهضُ بغيرِه، وَمن لم ينْهض بنفسهِ لمْ يكن للْعَمَل أَهلا. قَالَ ثُمامة: كَانَ جَعْفَر بن يحيى أنطق النَّاس، قد جمع الهُدوَّ والتمهُّل والجَزالة، والحلاوة، وإفهاماً بُغنيه عَن الْإِعَادَة، وَلَو كَانَ فِي الأَرْض ناطقٌ يَسْتَغْنِي بمَنطقهِ عَن الْإِشَارَة لاستغني جعفرٌ عَن الْإِشَارَة كَمَا اسْتغنى عَن الْإِعَادَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>