للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ مرّة: مَا رأيتُ أحدا كَانَ لَا يتحبَّسُ، وَلَا يتوقَّفُ، وَلَا يتلجْلج، وَلَا يرتقبُ لفظا قد استدعاه من بُعْدٍ، وَلَا يلْتَمس التخلُّصَ إِلَى معنى قد تعصى عَلَيْهِ، بَعْد طلبهِ لَهُ: مِن جعْفر بن يحيى. وَقَالَ: قُلتُ لجعْفر مَا البيانُ؟ قَالَ: أَن يكون الأسم يُحيطُ بمعناك، ويُجلِّي عَن مغزاك، ويُخرجه من الشّركة، وَلَا تستعينُ عَلَيْهِ بالكفرة. وَالَّذِي لَا بُد مِنْهُ أَن يكون سَليماً من التَّكَلُّف بَعيدا مِن المنعة، بَرِيئًا من التعقد، غَنِيا عَن التأْويل. قَالَ الجاحظُ: هَذَا هُو تأْويلُ قَول الأصْمعي: البليغ مَن طبَّق المَفصِل، وأغناك من المقسّر. كتب يحيى بنُ خَالِد إِلَى بَعضهم: قد حملَّتُ حَاجتي فلَانا لَا لأنَّ شُكري ضعُف عَن حَبْل أياديك، بل أحبْبتُ أَن يكون لي أعوانٌ على شُكرك وشهودُ على فضلِك. وَقَالَ لأبنْهِ. جعْفر: يَا بُني، مَا دَام قلمُك يعرفُ فأمْطِرهُ مَعْرُوفا وَكَانَ يحيى يَقُول: كَيفَ يلام الْمُلُوك على مَا يَفْعَلُونَ؟ وَإِذا أساءُوا وجدوا مَنْ يُزيِّن لَهُم سُوءَ مَا يعْملُونَ، ويزكي مَا يفْعلُون؟ وَقَالَ الفضلُ بنُ يحيى: الصبرُ على أَخ تعتِبُ عليْه خيْرٌ من أَخ تستأْنِفُ مودَّته. وَقَالَ أحمدُ بنُ يُوسُف: لَا تجوزُ قطيعةُ الصِّدِيق، وَلَا يُحمَلُ الْأَمر فِيهَا إِلَّا على واحدٍ من اثْنَيْنِ ليسَ فِي وَاحِد مِنْهُمَا عُذْرٌ: إمَّا سُوءُ اخْتِيَار فِي نفسِ الصَّداقةِ أوْ ملالٌ. قَالَ أَبُو الْحُسَيْن بنُ سَعْد: كنتُ بَين يَدي عَليّ بن عِيسَى الْوَزير، فرأيتُ لَهُ أقْلاماً رديَّةً الْبري، فأصْلحتُها، فقالَ: يَا أبَا الحُسْين. عَلَيْك بالكتابةِ فهذهِ تجارةٌ. قَالَ الفضلُ بنْ سَهْل: مَنْ أحَّب الازديادَ من النعمةِ فليشكرْ، ومَنْ أحَبَّ الْمنزلَة عِنْد سَلُطانهِ فلْيكْفهِ، وَمن أحبَّ بَقَاء عِزّة فليُسقِطْ الدَالة. وَمن أحب السَّلامة فليلزم الحذر؟

<<  <  ج: ص:  >  >>