وَكَانَ إِذا سُئِل عَن مُعضلة، قَالَ: ربَّاهُ ذاتُ وَبر أعيت قائدَها، وسائقها لَو ألقيت على أَصْحَاب محمَّد لأعضلت بهم. قَالَ شُرَيْح: الْقَضَاء جمْرٌ، فارفع الجمْر عَنْك بعُودين، يَعْنِي: الشَّاهِدين. روى عَن شَقِيق بن سَلمة قَالَ: وَقعت فتنةُ ابنِ الزبير فاعتزل شريحٌ الْقَضَاء، وَقَالَ: لَا أقضِي بني اثْنَيْنِ فِي فتْنَة. قَالَ: فغدوتُ عَلَيْهِ ذَات يَوْم. فقلتُ: يَا أَبَا أُمية، كَيفَ أَصبَحت؟ قَالَ: أحمدُ الله العزيزُ الجبّار إِلَيْك: وَقعت الفتنةُ تسع سِنِين فَمَا أخْبرت وَلَا اسْتُخبرت. قلتُ: يَا أَبَا أُميَّة لقد صبرتَ. قَالَ: فيكف بهواي فِي أحدِ الْفَرِيقَيْنِ؟ قَالَ شُرَيْح يَوْمًا لأَصْحَابه: لقد أكلتُ الْيَوْم لَحْمًا قد أَتَى عَلَيْهِ عشرُون سنة. فَقَالُوا: سُبْحَانَ الله. أبدا تأْتينا بالعجائب. فَقَالَ: كَانَت عِنْدِي ناقةٌ قد أَتَت عَلَيْهَا عشرُون سنة، فنحرْتُها، وأكلتُ من لَحمهَا. ورُثى شُرَيْح بجولُ فِي الْأَسْوَاق، والطرقِ، فَقيل: مَا غدَا بِك؟ فَقَالَ: عسْيتُ أَن أنظرَ إِلَى صُورَة حَسَنَة. كَانَ يقالُ: أوَّلُ من أظهر الجوْر من الْقُضَاة فِي الحكم بلالُ بن أبي بردةَ بن أبي مُوسَى، وَكَانَ أميراَ الْبَصْرَة، وقاضيَها. وَكَانَ يَقُول: إِن الرجُلين ليتقدَّمان إِلَيّ، فأَجدُ أحدَهما أخفَّ على قلبِي، فأَقضى لَهُ. وَفِيه يَقُول رُؤُبة: وَأَنت يَا بن القاضِيَيْن قاضٍ يُرِيد أبَاهُ أَبَا بُردةَ. وَكَانَ الحجاجُ وُلَاة القضاءَ حِين استعفى شُريح، فاستشارهُ فِيمَن يولِّيه. فَقَالَ شُريحٌ. عَلَيْك بالشريفِ العفيفِ أبي بردة. وجدُّه أَبُو مُوسَى وَهُوَ قَاضِي عُمر، وأحدِ الْحكمَيْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute