للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: بَينا رقبةُ بن مَصْقلةَ القَاضِي فِي حَلقة إِذْ مرَّ رجل غليظُ العُنق، فَقَالَ لَهُ بعض جُلَسَائِهِ: يَا أَبَا عبد الله، وَهَذَا الَّذِي ترى مِن أعبدِ النَّاس. فَقَالَ رقبةُ: إِنِّي لأرى لهَذَا عُنقُاً قلِّما وقذتها العبادةُ. قَالَ: فَمضى الرجل، ثمَّ عَاد قَاصِدا إِلَيْهِم، فَقَالَ رجل لرقبة: يَا أَبَا عبد الله، أخبرُهُ بِمَا قلت، لَا تكون غيبَة. قَالَ: نعم. أخْبرهُ حَتَّى تكون نميمةً. وَكَانَ رقبةُ يَقُول: أيُّ مجلسٍ المسجدُ لَو كَانَ عَلَيْك فِيهِ إذنٌ! وَقَالَ: مَا رَأَيْت كذبةً أحضر من كذِبِة الَّذين يتّكِئون فِي الْمَسْجِد، فَإِذا أُقِيمَت الصَّلاةُ قلتَ لأَحدهم: نِمت، فَيَقُول: واللهِ مَا نِمتُ وَقد خَرِىَ. وَدخل رقيةٌ الْمَسْجِد الْأَعْظَم، فَألْقى نَفسه إِلَى حلقةِ قوم، ثمَّ قَالَ: قَتِيل فالوذج رحمكم اللهُ. قَالُوا: عِنْد مَن؟ قَالَ: عِنْد من حكم فِي الفُرقة، وَقضى فِي الْجَمَاعَة يَعْنِي بِلَال بن أبي بُردْة. ذكرت الآراء عِنْد رَقَبَة، فَقَالَ: أمّا الرافضةُ فإنَّهم اتَّخذُوا الْبُهْتَان حُجَّةً، والْعضِيهة مغلبةً. وَأما النَّيديَّةُ فَإِنِّي أظنُ الَّذِي وضع لَهُم رأيَهُم امْرَأَة. وَأما الخوارجُ فأعرابٌ جُفاةٌ لَا يعقِلون. وَأما المُرْجئةُ فإنهَّم على دين الْملك وَأما المعتزلةُ فوَاللَّه مَا خرجتُ إِلَى ضيعتي قطُّ إِلَّا ظننتُ إِنِّي لَا أرجعُ حَتَّى يتْركُوا دينهُم. وَقيل لَهُ: إِنَّك لتُكثر الشكَّ. قَالَ: وَهل ذاكُم إِلَّا المحاماةُ عَن الْيَقِين. اخْتصم إِلَى شُريح امْرَأَتَانِ فِي وَلد هِرَّة، فَقَالَ: ألْقُوها مَعَ هَذِه، فَإِن هِيَ قرَّت، ولزَّت، واسبطرَّت فَهِيَ لَهَا. وَإِن هِيَ هرَّت، وفرَّت، وازبأرّت فَلَيْسَتْ لَهَا. وَقَالَ الشّعبِيّ: مَا طلع السماكُ قطُّ إِلَّا غارزاً ذَنبه فِي بُرد.

<<  <  ج: ص:  >  >>