قَالَ الشعبيُّ: تعامل الناسُ فِيمَا بَينهم بالدِّين زَمنا طَويلا، ثمَّ بالوَفاءِ حَتَّى ذهب الوفاءُ، ثمَّ بالمروءة حتَّى ذهبت المروءةُ، ثمَّ بالحياءِ حَتَّى ذهب الحياءُ، ثمَّ صَارُوا إِلَى الرَّغبة والرَّهبةِ. قَالَ: العِلم أكثرُ مِن أَن يُحصَى، فخُذُوا مِن كلِّ شَيْء أحْسَنهُ. وَكَانَ يَقُول: مَا رأيتُ مِثلي: مَا أشاءُ أَن أرى أحدا أعلمَ بِشَيْء منِّي إكلا وجدتُه. وَقيل لَهُ: مَالك لَا تَأتي السُّلطان؟ قَالَ: أخافُ خَصْلَتَيْنِ: طعامهم الطَّيب، ولباسَهم اليِّن. وَكَانَ يَقُول: الخالُ زَيْنَب، والثؤلول شيْنٌ. وَقَالَ: أقلُّ مَا أحسِنُه الشعرُ، وَلَو أنشدتكم شهرا لما فني مَا عِنْدِي. وَذكروا مُعَاوِيَة يَوْمًا عِنْده، فَقَالَ رجل: كَانَ حَلِيمًا. فَقَالَ الشّعبِيّ: وَيحك {} وَهل أغمدَ سيفَه وَفِي قلبه شيءٌ على أحَدٍ، وَلَكِن قل: كَانَت لَهُ سياسةٌ وعَقل. وَقَالَ الشّعبِيّ: إنَّ كرامَ النَّاس أسرعهم مَوَدَّة وأبطؤهم عَدَاوَة مثل الكُوز مِن الفضةِ يبطئُ الانكسار، ويُسرعُ الانجِبَار، وَإِن لئامَ النَّاس أبطؤهم مَودةً، وأسرعُهم عَدَاوَة مثلُ الْكوز من الفَخَّار يسْرع الإنكسار ويبطئُ الانجبار. وَقَالَ ابْن شبْرمَة: مَنْ بَالغ فِي الْخُصُومَة أثِمَ، وَمن قصَّر خصِم. وَقَالَ: منْ لزم العفَاف هَانَتْ عَلَيْهِ موجِدةُ الملُبوك. دخل رجلٌ على عِيسَى بن مُوسَى بِالْكُوفَةِ فكلَّمه، وَحضر عبدُ الله بن شُبْرمة فأعانه، وَقَالَ: أصلحك اللهُ. إنّ لَهُ شرفاً، وبيتاً وقدَماً. فَقيل لِابْنِ شبْرمَة: أتعْرفُه؟ قَالَ: لَا. قالُوا: فَكيف أثنيتَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: قلتُ: إِن لَهُ شرفاً، أَي: أذُنين ومَنكبين، وبيتاً يأوي إِلَيْهِ، وقدماً يطأُ عَلَيْهَا. وَقَالَ لَهُ رجل: صنعتَ إِلَى فُلان، وصنعت، فَقَالَ: اسْكُتْ، فَلَا خير فِي الْمَعْرُوف إِذا أحصى. وَكَانَ إِذا وُلِدَ لَهُ غُلَام يَقُول: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ بّاتقِيا، وَاجعَل لذَّته فِي بلدِه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute