قَالَ سوّار لَا تجتِّسمها يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ صعاب الأُمور، وَلَا تُحمِّلها مَا لَا تُطيق، وألزمها أَربع خِصَال تسلمْ لَك دنياك وأخرتُك: أقِم الْحُدُود واحكُم بِالْعَدْلِ، واجْبِ الْأَمْوَال من وُجوهها، واقسمها على أَهلهَا بالحقِّ. خَاصم عبد الله بنُ عبدْ الْأَعْلَى الكريزي مولى لَهُ فِي أَرض إِلَى سوَّار - وَكَانَ جدُّهُ أقطعها جدَّه - فَقَالَ سوار: إِنِّي لأرغبُ بك عَن هَذَا، تُنازعُه فِي أَرض أقطعها جدُّك جدَّه؟ فَقَالَ الكريزي الشحيح أغدرُ من الظَّالِم. فَنَكس سوارُ طَويلا، ثمَّ رفع رأسَه، فَقَالَ: اللهمَّ أردُدْ على قُرَيْش أخطارها. دَعَا الرشيدُ أَبَا يُوسُف القَاضِي لَيْلًا فَسَأَلَهُ عَن مَسْأَلَة، فأفتاه. فَأمر لَهُ بِمِائَة ألف دِرْهَم فَقَالَ: إنْ رَأْي أميرُ الْمُؤمنِينَ أَن يأْمر بتعجيلها قبل الصُّبح. فَقَالَ: عجِّلوها لَهُ. فَقيل: إِن الخازن فِي بَيته، والأبواب مغلقةٌ. فَقَالَ أَبُو يُوسُف: وَقد كنتُ فِي بَيْتِي والدروب مُغلقة، فحين دُعي بِي فُتِحتُ وَقَالَ لَهُ الرشيدُ: بَلغنِي أنَّك لَا ترى لُبس السَّواد. فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ. وَلم؟ وَلَيْسَ فِي يَدي شيءٌ أعز عَليّ مِنْهُ. قَالَ: مَا هُو؟ قَالَ: السوَاد الَّذِي فِي عَيْني. وسُئل مرّة عَن السَّواد، فَقَالَ: النُّورُ فِي السَّواد - يُرِيد سَواد الْعين وَكَانَ خَالِد بن طليق الخُزاعي قَاضِيا، فاختصم إِلَيْهِ اثْنَان، فَكَانَ أحدُهُما كلما أَرَادَ أَن يتكلَّم غمزه الشرطي أَلا يتَكَلَّم. فَلَمَّا كثُر ذَلِك عَلَيْهِ قَالَ: أيُّها القَاضِي، أتقضي على غَائِب؟ فَقَالَ: لَا. فَقَالَ أَنا غائبٌ إِذا لم أترك أَن أتكلَّم. وَكَانَ خَالِد تمياها صلفاً، وَقَالَ يَوْمًا لمُحَمد بن سُلَيْمَان - مَعَ محلِّه وشرفه وثروته - نحنُ وأنتُم فِي الْجَاهِلِيَّة كهاتين. وَجمع بَين إصبعيه. كَانَ عُبيدُ بن ظبْيَان قَاضِي الرَّقَّة، فَجَاءَهُ رجلٌ واستعدَاه على عِيسَى بن جَعْفَر، وَكَانَ الرشيدُ إِذا ذَاك بالرَّقة فَكتب ابنُ ظبْيَان إِلَى عِيسَى أمَّا بعد أَطَالَ الله بقاءَ الْأَمِير وَحفظه وَأتم نعْمَته عَلَيْهِ. أَتَانِي رجلٌ فَذكر أنَّ لَهُ عَلَى الْأَمِير خَمْسمِائَة ألف دِرْهَم. فَإِن رأى الأميرُ - أعزَّه الله - أَن يحضر مجْلِس الحكم، أَو يُوكِّل وَكيلا يُناظر عَنهُ فعل.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute