وسُعي بِأبي تَمام إِلَى المعتصم أنَّه قَالَ فِي شعريٍ مدح بِهِ أَبَا سعيد الثفري. تزحزحي عَن طَرِيق المُجِد يَا مضرُ ... هَذَا ابنُ يُوسُف لَا يُبقي وَلَا يذرُ فَنَذر المعتصمُ دَمه. فَقَامَ ابنُ أبي دواد، فكذب عَنهُ، وحَلف مُجْتَهدا: أَن هَذَا الشّعْر لَيْسَ من طرفِ شعر أبي تَمام حَتَّى استنقذه من سَخطِهِ. فكافأَهُ أَبُو تَمام أحسن مُكَافَأَة، وشكره أحسن شكر، ومدحهُ بقصائدهِ الْمَشْهُورَة فِيهِ. غضب المهديُّ يَوْمًا على شريك فَقَالَ: يَا بن الزَّانِيَة. فَقَالَ شريك: أمة يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ. فَمَا عِلمتُها إِلَّا صوّامةً قوّامة. فَقَالَ لَهُ: يَا زنديقُ، لأقتْلنَّك. فَقَالَ شريك، وَكَانَ جهوريَّ الصوتِ -: إِن للزنادقة عَلَامَات يُعرفون بِهَا، شربهم القهواتِ، واتخاذهم القّيناتِ، ونومهم عَن العتماتِ فأطَرق المهديُّ، وَقَامَ شريك، فَخرج. ذكر أنَّ جمَاعَة من الرؤساء باتُوا عِنْد أبي دُواد فَلَمَّا أخذُوا مضاجعَهم إِذا الخدمُ قد أخرَجُوا لكل وَاحِد مِنْهُم جَارِيَة. قَالَ: فاحتشموا مِن ذَاك. وَبَات الْجَوَارِي نَاحيَة، وَقَامَ، بعضُهم، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا وَجه بجاريةِ كل وَاحِد إِلَى منزله، وَمَعَهَا وصيفةٌ. دخل ابنُ أبي دُواد إِلَى الواثق - وَقد أَتَى بِابْن أبي خَالِد الَّذِي كَانَ بالسِّند، فَقَالَ: وَالله، لأضربنَّك بالسِّياط. وَوَاللَّه لَا يكلٍّمُني فِيك أحدٌ من النَّاس إِلَى ضربتُ بَطْنه، وظهرَه. فَسكت حَتَّى ضربه عشْرين سَوْطًا. ثمَّ قَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، فِي هَذَا أدبٌ، وَفِي دُونِه استصلاح، ومجاوزتُه سرفٌ. وَإِنَّمَا أبقى عَلَيْك من القصاصِ. قَالَ: أَو مَا سمِعتَ يَمِيني أَلا يكلمني فِيهِ أحدٌ إِلَّا ضربتُ ظَهره وبطنه. قَالَ: قد سمعتُ. لَكِن يُكفِّر أميرُ الْمُؤمنِينَ، وَيَأْتِي الَّذِي هُو إِلَى الله عز وَجل أقربُ، وَعِنْده أفضلُ. قَالَ: خليا عَنهُ. كفِّر يَا غلامُ عَن يَمِيني. سُئل رجلٌ من البُلغاءِ عَن يحيى بن أَكْثَم، وأحمدَ بن أبي دُواد: أيُّهما أنبلُ؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute