للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتبخَّر يَوْمًا فأُحْرِقتْ ثيابُه. فَقَالَ: واللهِ لَا تبخرتُ أبدا إِلَّا عُرْياناً لما قَدَم أَبُو مُسلم الْعرَاق قَالَ ليَقْطين بن مُوسَى: أحبُ أنْ أرى جحا. قَالَ: فوجَّه يقطينُ إِلَيْهِ فدعاهُ وَقَالَ: تهيأْ حَتَّى تدخُل على أبي مُسلم فَإِذا دخلْت عليْه فَسلِّم، وإيَّاك أَن تَتَعلَّقَ بِشَيْء دونَ أنْ تشْتدَّ فَإِنِّي أخشاهُ عليْكَ قَالَ: نعمْ. فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْغَد، وجلسَ أَبُو مسْلم وجَّه يقْطينُ إِلَيْهِ فَدَعاه، فأدخلَ على أبي مُسلم - وَهُوَ فِي صَدْر الْمجْلس - ويقطينُ إِلَى جنبه، فسلَّم. ثمَّ قَالَ: يَا يقَطينُ. أيُّكُما أَبُو مُسلم؟ فَضَحِك أَبُو مُسلم حَتَّى وضَع يَده على فَمه. وَلم يكُن رُئي قبلَ ذَلِك ضَاحِكا. وَأَرَادَ جحا الخروجَ إِلَى ضيعْةٍ، فقيلَ لَهُ: أحْسنَ الله صَحَابتَك: فَقَالَ: الموضعُ أقربُ مِنْ ذَاك. وعُجنَ فِي منزلِه، فطلَبوا منْه حطباً. فقالَ: إنْ لم يكُن حطبٌ فأخُبزوه فطِيرا. وَلما حذق الكتابةَ والحسابَ بعث بِهِ الْمعلم مَعَ الصّبيان إِلَى أَبِيه. فَقَالَ لَهُ أبوهُ كمْ عشْرين فِي عشْرين؟ فَقَالَ: أَرْبَعِينَ ودانقين. فَقَالَ وَكَيف صارَ فِيهِ دانقين؟ قَالَ: كَانَ فِيهَا دِرْهم ثقيلٌ. أكلَ جحا يَوْمًا مَعَ قوم رؤساً، فَلَمَّا فرغ من الْأكل دَعَا للْقَوْم، وَقَالَ: أطْعمكُم اللهُ مِنْ رُؤْس أهل الْجنَّة. وضرطَ أَبوهُ يَوْمًا، فَقَالَ جحا: على أيري. فَقَالَ أَبوهُ: ويْلكَ أيش قُلْتَ؟ قَالَ: حسبتُك أُمِّي. وماتتْ أمه فجعلَ يبكي، ويقولُ: رَحمك الله فلقدْ كَانَ بابُكِ مَفْتُوحًا، ومتاعك مبذُولاً. دخلَ البيتَ وَإِذا جاريةُ أَبِيه نائمةٌ، فاتكأ عليْها، فانتبَهتْ، وقالتْ: من ذَا؟ قَالَ: اسكُني أَنا أبي. ورأوهُ فِي جَنَازَة أبي الْعَبَّاس النَّحْوِيّ وَهُوَ يَقُول: يَا أَبَا العَّباس رحمَك اللهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>