للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصاحة؟ قَالَ: إِنَّا ننزل حجرَة لَا نسْمع فِيهَا ناجخة التيار. وخطب بعض الْأَعْرَاب فَقَالَ: إِن الدُّنْيَا دَار بَلَاغ، وَالْآخِرَة دَار قَرَار، أَيهَا النَّاس خُذُوا من ممركم لمقركم، وَلَا تهتكوا أستاركم عِنْد من لَا تخفى عَلَيْهِ أسراركم، واخرجوا من الدُّنْيَا قُلُوبكُمْ قبل أَن تخرج مِنْهَا أبدانكم فَفِيهَا حييتُمْ ولغيرها خَلفْتُمْ، الْيَوْم عمل بِلَا حِسَاب وَغدا حِسَاب بِلَا عمل، إِن الرجل إِذا هلك قَالَ النَّاس: مَا ترك؟ وَقَالَت الْمَلَائِكَة: مَا قدم؟ فَللَّه آباؤكم قدمُوا بَعْضًا يكن لكم قرضا، وَلَا تخلفوا كلا فَيكون عَلَيْكُم. قيل لبني عبس: كَيفَ كُنْتُم تَصْنَعُونَ؟ قَالُوا: كُنَّا لَا نبدأ أبدا بظُلْم، وَلم نَكُنْ بالكثير فنتوكل، وَلَا بِالْقَلِيلِ فنتخاذل، وَكُنَّا نصبر بعد جزع النَّاس سَاعَة. وَسُئِلَ دَغْفَل عَن المماليك فَقَالَ: عز مُسْتَفَاد، وغيظ فِي الأكباد كالأوتاد. قَالَ أَبُو بكر لسَعِيد، أَخْبرنِي عَن نَفسك فِي جاهليتك وإسلامك فَقَالَ: أما جاهليتي فوَاللَّه مَا خمت عَن بهمة، وَلَا هَمَمْت بِأمة وَلَا نادمت غير كريم، وَلَا رئيت إِلَّا فِي خيل مُغيرَة أَو فِي حمل جريرة أَو فِي نَادِي عشيرة، وَأما مذ خطمني الْإِسْلَام فَلَنْ أذكي لَك نَفسِي. قَالَ رجل لغلامه: إِنَّك مَا علمت لضعيف قَلِيل الْغناء. قَالَ: وَكَيف أكون ضَعِيفا قَلِيل الْغناء، وَكَيف كفيتك ثَمَانِينَ بَعِيرًا نزوعاً وفرساً جروراً ورمحاً خطيا وَامْرَأَة فاركاً. قيل لأعرابي: صف لنا خلوتك مَعَ عشيقتك قَالَ: خلوت بهَا وَالْقَمَر يرينيها، فَلَمَّا غَابَ الْقَمَر أرتنيه، قيل فَمَا أَكثر مَا جرى بَيْنكُمَا؟ قَالَ: أقرب مَا أحل الله مِمَّا حرم، الْإِشَارَة بِغَيْر بَأْس، والتعرض لغير مساس، وَلَئِن كَانَت الْأَيَّام طَالَتْ بعْدهَا، لقد كَانَت قَصِيرَة مَعهَا. وَذكر بَعضهم مَسْجِد الْكُوفَة فَقَالَ: شاهدنا فِي هَذ الْمَسْجِد قوما كَانُوا إِذا خلعوا الْحذاء، عقدوا الحبا، وقاسوا أَطْرَاف الْأَحَادِيث، حيروا السَّامع وأخرسوا النَّاطِق.

<<  <  ج: ص:  >  >>